للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالصبر الذي أمر الله عزّ وجل به في المجموعة السابقة لا يطيقه إلا من اتصف بصفات معينة، وهذا ما سنراه في هذه المجموعة إن شاء الله تعالى.

[تفسير المجموعة الثانية]

إِنَّ الْإِنْسانَ أي: جنس الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً الهلع: هو سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير

إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً قال ابن كثير: أي: إذا مسه الضر فزع وجزع، وانخلع قلبه من شدة الرعب، وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير

وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً أي: إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها على غيره، ومنع حق الله تعالى فيها، ويدخل في الشر هنا الضر والفقر والمرض، ويدخل في الخير السعة والغنى والصحة،

ثم استثنى الله عزّ وجل من جنس الإنسان من اتصفوا بالخصائص الآتية، فهؤلاء ليسوا كذلك، قال تعالى: إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ التي فرضها الله عليهم وهي الصلوات الخمس دائِمُونَ أي:

يحافظون عليها في مواقيتها. قال ابن كثير: أي: الإنسان من حيث هو متصف بصفات الذم إلا من عصمه الله، ووفقه وهداه إلى الخير، ويسر له أسبابه، وهم المصلون

وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ قال النسفي: يعني الزكاة؛ لأنها مقدرة معلومة، أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه يؤديها في أوقات معلومة

لِلسَّائِلِ الذي يسأل وَالْمَحْرُومِ أي: الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنيا فيحرم. قال ابن كثير:

أي: في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات

وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ أي:

يوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة، قال ابن كثير: أي: يوقنون بالمعاد والحساب والجزاء، فهم يعملون عمل من يرجو الثواب ويخاف العقاب

وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ أي: خائفون وجلون

إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ قال ابن كثير: أي: لا يأمنه أحد ممن عقل عن الله أمره، إلا بأمان من الله تبارك وتعالى، قال النسفي: أي: لا ينبغي لأحد- وإن بالغ في الاجتهاد والطاعة- أن يأمنه، وينبغي أن يكون مؤرجحا بين الخوف والرجاء،

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ قال ابن كثير: أي: يكفونها عن الحرام، ويمنعونها أن توضع في غير ما أذن الله فيه،

ولهذا قال تعالى: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أي: نسائهم أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ أي: من الإماء فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ أي: على ترك الحفظ

فَمَنِ ابْتَغى أي:

طلب منكحا وَراءَ ذلِكَ أي: غير الزوجات والمملوكات فَأُولئِكَ هُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>