للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فالقرآن فاصل بين الناس في كل ما يتنازعون فيه وَهُدىً للقلوب والعقول وَرَحْمَةً لمن تمسك به، ومن ثم قال لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فهو هدى لقلوبهم وعقولهم وسلوكهم، ورحمة لهم في كل حال. فالقرآن فيه بيان لكل شئ، ولكن يستفيد منه المؤمنون، فهو رحمة لهم وهدى، وبهذا انتهت المجموعة السادسة، وانتهى بها المقطع الثاني. وقد دلنا على انتهائه أنه جاءت بداية جديدة تشبه بدايته. فقد بدأ المقطع بقوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ ....

والآن يأتي قوله تعالى: وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً .... فهذه بداية المقطع الثالث.

ملاحظة حول السياق: [توضيح لمدى ترابط آيات المجموعة وصلتها بالمحور]

لاحظ أنه قد جاء في وسط هذه المجموعة قوله تعالى:

لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى مما يشعرنا أنّ هذه المواقف للكافرين سببها كفرهم بالآخرة، فالكفر بالآخرة هو سبب هذه الجرأة على الله. لاحظ صلة هذا بمقدمة المقطع إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ثم لاحظ أنّ المقطع أفهمنا بآيته قبل الأخيرة أن مواقف الكافرين إنما هي من تزيين الشيطان لهم، فإذا تذكرنا أن المجموعات الستة في المقطع قد تحدثت عن مواقف للمستكبرين، وإذا تذكّرنا أن الكبر هو خلق الشيطان الأول، أدركنا أن المقطع كان حديثا عن خطوات الشيطان التي نهينا عن اتباعها، وإذا تذكّرنا الكلام الكثير عن اليوم الآخر في المقطع، وإذا تذكرنا ختم المقطع بقوله تعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أدركنا صلة المقطع بمحور السورة، وبحيز محور السورة من البقرة، إذ يأمر بالدخول في السّلم كافّة، وإذا تذكّرنا هذه الآية، وتذكّرنا الآية الثانية من سورة النحل يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ أدركنا الصلة ما بين مقاطع السورة

..

ومن كل ما مرّ معنا ندرك ارتباط سلامة التصور عن الذات الإلهية بسلامة التصور عن اليوم الآخر، بموضوع الدخول في الإسلام كله، بموضوع عدم اتباع خطوات الشيطان، وعلى عكس ذلك، فإنه يترتب على فساد التصور عن الله واليوم الآخر؛

<<  <  ج: ص:  >  >>