للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بين يدي المجموعة الثالثة]

ختمت المجموعة الثانية بقوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ ... لقد كان بين شياطين الإنس والجن في الدنيا صلة ووئام فما الذي جمعهم؟ لقد جمعهم الكسب السيئ والغرور بالدنيا.

بهذا المعنى تبدأ المجموعة الثالثة، وهي الأخيرة في فقرتها، ثمّ تسير المجموعة في تقرير بعض سنن الله، وفي التعريف على الله، وتنتهي المجموعة بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعلن:

قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ وتختم المجموعة بذلك، لاحظ الصلة بين أول آية في المجموعة، وآخر آية، من خلال كلمة الظالمين: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ فلنر المجموعة.

[المجموعة الثالثة]

وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً. أي: نجعل بعضهم أولياء بعض، أو نتبع بعضهم بعضا في النار، أو نسلّط بعضهم على بعض بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. أي:

بسبب ما كسبوا من الكفر والمعاصي

يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ. أي: يقال لهم يوم القيامة هذا على جهة التوبيخ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي. أي:

يقرءون كتبي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا. أي: يوم القيامة قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا. أي: بوجوب الحجة علينا، وتبليغ الرّسل إلينا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فشغلتهم عن اليوم الآخر، ومنعتهم عن الإيمان وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ. أي: بالله ورسله

ذلِكَ إشارة إلى ما تقدم من بعثة الرسل، وقراءة الآيات أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ أي: إن شأن الله أنّه لم يكن مهلك القرى بسبب ظلم أقدموا عليه، إلا بعد إقامة الحجة، أو إنه لم يكن ليهلك القرى ظالما بمعنى أنّه لو أهلكهم وهم غافلون لم ينبّهوا برسول وكتاب، لكان ظالما وهو متعال عن الظلم

وَلِكُلٍّ. أي: من المكلفين دَرَجاتٌ. أي: منازل مِمَّا عَمِلُوا. أي: من جرّاء أعمالهم وبهذه الآية استدل أبو يوسف ومحمد- رحمها الله- على أنّ للجنّ الثواب بالطاعة فيدخلون الجنة لأنّه ذكر هذا النص عقيب ذكر الثقلين

<<  <  ج: ص:  >  >>