٤ - [كلام ابن كثير حول آية وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا .. ]
وبمناسبة قوله تعالى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ قال ابن كثير: (وكأن السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال: وجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر ابن الحارث حتى جلس معهم، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث، فكلّمه رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أفحمه ثم تلا عليه وعليهم: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (الآيات من سورة الأنبياء): ثم قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة له: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم، فقال عبد الله بن الزبعرى: أما والله لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده، فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح ابن مريم. فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم فذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال:«كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته» فأنزل الله عزّ وجل إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (الأنبياء: ١٠١) أي:
عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله عزّ وجل فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أنهم يعبدون الملائكة وأنهم بنات الله وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ الآيات (الأنبياء: ٢٦) ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه الصلاة والسلام، وأنه يعبد من دون الله، وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ أي: يصدون عن أمرك بذلك من قوله).
[المقطع الثالث ويمتد من الآية (٦١) إلى نهاية الآية (٨٩) أي: إلى نهاية السورة وهذا هو]