للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بين يدي سورة التكاثر]

قال الألوسي عن سورة التكاثر: (وآيها ثمان بالاتفاق. وهي تعدل ألف آية من القرآن. أخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟ قالوا: ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية؟ قال: أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر» وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «من قرأ في ليلة ألف آية لقي الله تعالى وهو ضاحك في وجهه» فقيل: يا رسول الله من يقوى على ألف آية؟ فقرأ سورة ألهاكم التكاثر إلى آخرها ثم قال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ألف آية» وذكر ناصر الدين ابن الميلق في سر ذلك أن القرآن ستة آلاف ومائتا آية وكسر، فإذا تركنا الكسر كان الألف سدس القرآن وهذه السورة تشمل على سدس من مقاصد القرآن فإنها على ما ذكره الغزالي ستة، ثلاثة مهمة: وهي تعريف المدعو إليه، وتعريف الصراط المستقيم، وتعريف الحال عند الرجوع إليه عزّ وجل، وثلاثة متمة، وهي تعريف أحوال المطيعين، وحكاية أقوال الجاحدين، وتعريف منازل الطريق، وأحدها معرفة الآخرة المشار إليه بتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى المشتمل عليه السورة، والتعبير على هذا المعنى بألف آية أفخم وأجل من التعبير بالسدس. انتهى. والأمر- والله تعالى أعلم- وراء ذلك ومناسبتها لما قبلها ظاهرة).

وقال صاحب الظلال عن هذه السورة:

(هذه السورة ذات إيقاع جليل رهيب عميق وكأنما هي صوت نذير، قائم على شرف عال. يمد بصوته ويدوي بنبرته. يصيح بنوم غافلين مخمورين سادرين، أشرفوا على الهاوية وعيونهم مغمضة، وحسهم مسحور. فهو يمد بصوته إلى أعلى وأبعد ما يبلغ.

إنها سورة تعبر بذاتها عن ذاتها. وتلقي في الحس ما تلقي بمعناها وإيقاعها. وتدع القلب مثقلا مشغولا بهم الآخرة عن سفساف الحياة الدنيا وصغائر اهتماماتها التي يهش لها الفارغون!

إنها تصور الحياة الدنيا كالومضة الخاطفة في الشريط الطويل .. أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>