بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ... فما هو من عندك، إنما هو من عند ربك، وهو رب العالمين كما قال في الآية السابقة؛ إنما هذه الإضافة هنا للتكريم. تكريم الرسول الذي يتّهمونه بالافتراء ... ردا على الاتهام الأثيم. وتقريرا للصلة الوثيقة التي تحمل مع معنى التكريم معنى وثاقة المصدر وصحة التلقي. وأمانة النقل والتبليغ.
لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ، لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.
والعرب الذين أرسل إليهم محمد- صلّى الله عليه وسلم- لم يرسل إليهم أحد قبله؛ ولا يعرف التاريخ رسولا بين إسماعيل- عليه السلام- جد العرب الأول وبين محمد- صلّى الله عليه وسلم- وقد نزّل الله عليه هذا الكتاب الحق، لينذرهم به لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ فهدايتهم مرجوة بهذا الكتاب، لما فيه من الحق الذي يخاطب الفطر والقلوب).
[كلمة في السياق]
جاءت مقدمة السورة فقررت نفي الشك عن القرآن، وقررت أنه من عند الله، ونفت أن يكون من عند محمد صلّى الله عليه وسلم وبيّنت الحكمة في الإنزال وهو الإنذار لأمّة لم يرسل لها من قبل، مع أنّ سنّة الله ألا يبقي أمّة بلا نذير، وإذ تقرّرت هذه المعاني تأتي الآن المجموعة الأولى في السورة لتدلّل بطريقة أخرى على ما مرّ.