للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جالوت وجنده بقضاء الله ونصره. فغلبوهم وقهروهم. وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ أي: آتى الله داود الملك في مشارق الأرض المقدسة، ومغاربها حتى إنه لم تجتمع بنو إسرائيل على ملك كما اجتمعت على داود. وآتاه مع الملك، الحكمة. أي: النبوة. وعلمه زيادة على ذلك ما شاء الله أن يخصه به من العلوم، من مثل صنعة الدروع، وغير ذلك. وفي ذكر ما أكرم الله به داود بعد ذكر قتله لجالوت، إشارة إلى أن البلاء في الجهاد يستحق به صاحبه الخير الكثير عند

الله. وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ أي: ولولا أن الله تعالى يدفع بعض الناس ببعض، فيدفع الكافرين بالمؤمنين، وينصر المؤمنين على الكافرين، فكيف بذلك فسادهم، لغلب المفسدون، وفسدت الأرض بغلبة الكفار، وقتل الأبرار، وتخريب البلاد، وتعذيب العباد. وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ أي: ذو من عليهم، ورحمة بهم. يدفع عنهم ببعضهم بعضا فساد العالم. وله الحكم والحكمة والحجة على خلقه، في جميع أفعاله وأقواله. وإن فضله كما هو كائن على البشر بذلك. فإن فضله عام على عوالمه كلها، وخلقه جميعا.

[فوائد]

١ - دلت الآيات على أنه لا يحمي حمى الإسلام والمسلمين إلا جهاد وقتال. وأن الجهاد والقتال يحتاجان إلى إمرة، وطاعة، وانضباط، وإيمان، وافتقار إلى الله. كما دلت الآيات على أن الهجوم هو الطريق للنصر.

٢ - مجئ هذه المجموعة في سياق الأمر بالدخول في الإسلام كله، وانتهاء المجموعة بقاعدة وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ يدل على أن الإسلام كله لا يقوم إلا بقتال، وإن طريق الإسلام والمسلمين دائما هو هذا الذي قصه الله علينا في قصة طالوت: إمرة، وجهاد. والإمرة التى لا تجاهد، لا تحقق ما ينبغي منها. وإن الإمرة تختار على أساس الخصائص المناسبة للوضع القائم لا على أساس آخر.

٣ - لا تنطبق هذه الآيات على واقعة، كما تنطبق على مسلمي فلسطين. فقد أخرجوا من ديارهم، وأموالهم. وإن طريقهم لهذا: إمرة، وجهاد. أمير مؤمن، وصف مؤمن.

وغير ذلك ليس طريقا.

فصل في بعض الروايات الكتابية لقصة طالوت وجالوت:

<<  <  ج: ص:  >  >>