عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وقد عرض الله عزّ وجل علينا نموذجا من هذا العذاب العظيم في قوله: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ولما كان آل فرعون أتباعا ومتبوعين فإنّ الله عزّ وجل يقصّ علينا خصومة أهل النّار مع بعضهم. ثم يقصّ علينا حكمة تعذيبه الكافرين في الدنيا والآخرة. ثم يختم قصة موسى عليه السلام في السورة. فلنر ذلك ثم نعود إلى السياق.
[تفسير المجموعة الخامسة من الفقرة الأولى]
وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ أي: واذكر وقت تخاصمهم في النار فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ يعني الأتباع لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا يعني الرؤساء إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً أي: أتباعا أطعناكم فيما دعوتمونا إليه في الدنيا من الكفر والضلال فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ أي: دافعون عَنَّا نَصِيباً أي: جزءا مِنَ النَّارِ
قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها أي: إنا كلنا فيها لا يغني أحد عن أحد، أي: لا نتحمل عنكم شيئا، كفى بنا ما عندنا، وما حمّلنا من العذاب والنكال إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ أي: قضى بَيْنَ الْعِبادِ أي: قسم بيننا العذاب بقدر ما يستحقّه كل منّا
وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ جميعا لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ أي: للملائكة الموكّلين بعذاب أهل النار ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً أي: بقدر يوم من أيام الدنيا مِنَ الْعَذابِ لمّا علموا أنّ الله عزّ وجل لا يستجيب منهم، ولا يستمع لدعائهم- سألوا الخزنة- وهم كالسجّانين لأهل النار- أن يدعوا لهم الله تعالى في أن يخفف عن الكافرين ولو بمقدار يوم واحد من العذاب، فقالت لهم الخزنة رادّين عليهم
قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ أي: بالمعجزات والدلائل الواضحات قالُوا أي: الكافرون بَلى قالُوا فَادْعُوا أي: أنتم لأنفسكم، فنحن لا ندعو لكم، ولا نسمع منكم، ولا نودّ خلاصكم، ونحن منكم براء، ثمّ أخبروهم أنه سواء دعوا أو لم يدعوا لا يستجاب لهم، ولا يخفف عنهم؛ ولهذا قالوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أي: إلا في ضياع وذهاب لا يقبل ولا يستجاب.