الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا قال فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه رضي الله عنهم.
ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن جرير من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه به نحوه، وروى ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه قال: إن عمّه- يعني أنس بن النضر- رضي الله عنه غاب عن قتال بدر، فقال: غبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم المشركين لئن أشهدني الله عزّ وجل قتالا للمشركين ليرين الله تعالى ما أصنع، قال: فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء- يعني أصحابه- وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء- يعني المشركين- ثم تقدم فلقيه سعد يعني ابن معاذ رضي الله عنه دون أحد فقال: أنا معك، قال سعد رضي الله عنه: فلم أستطع أن أصنع ما صنع، فلما قتل:
فوجد فيه بضع وثمانون ضربة سيف، وطعنة رمح، ورمية سهم، وكانوا يقولون فيه وفي أصحابه نزلت فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ. وأخرجه الترمذي في التفسير والنسائي، وقال الترمذي حسن. وقد رواه البخاري في المغازي وابن جرير عن أنس رضي الله عنه به ولم يذكر نزول الآية، وروى ابن أبي حاتم عن طلحة رضي الله عنه قال:
لما أن رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أحد صعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وعزى المسلمين بما أصابهم، وأخبرهم بما لهم فيه من الأجر والذخر، ثم قرأ هذه الآية مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ الآية كلها، فقام إليه رجل من المسلمين فقال يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبلت وعليّ ثوبان أخضران حضرميان فقال:«أيها السائل هذا منهم»).
٨ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ]
بمناسبة قوله تعالى: وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ قال ابن كثير:
(ولهذا كان رسول الله يقول:«لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده فلا شئ بعده» أخرجاه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفي الصحيحين من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الأحزاب فقال: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم». وفي قوله عزّ وجل: وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ إشارة إلى وضع الحرب بينهم وبين قريش، وهكذا وقع بعدها لم يغزهم المشركون بل غزاهم المسلمون في بلادهم. قال محمد