للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها والصلاة وهي الملّة، والطاعة وهي العصمة، فقال عمر: صدقت.

وهكذا لخّص معاذ قوام الإسلام بأنه الإخلاص. والصلاة. والطاعة. وهي كلمة جامعة فبدون إخلاص لا قبول، وبدون صلاة فلا إيمان، وبدون طاعة فلا جماعة، وبدون جماعة فلا عصمة «وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية».

١٠ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً .. ]

بمناسبة قوله تعالى: وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ. قال ابن كثير: هذا إنكار على الإنسان من حيث هو، إلا من عصمه الله ووفّقه، فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر. وقال ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ [هود: ١٠] أي يفرح في نفسه، ويفخر على غيره، وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية. قال الله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي صبروا في الضراء، وعملوا الصالحات في الرخاء، كما ثبت في الصحيح: «عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له».

١١ - [وجه آخر من تفسير آية وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً .. ]

ذكرنا عند قوله تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وجهين ممّا تحتمله الآية. وذكر ابن كثير: وجها آخر لم يذكره غيره. وهذا كلامه: قال: أي من أعطى عطية يريد أن يرد عليه الناس أكثر مما أهدى لهم، فهذا لا ثواب له عند الله- بهذا فسره ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وعكرمة، ومحمد بن

كعب، والشعبي- وهذا الصنيع مباح وإن كان لا ثواب فيه، إلا أنه قد نهى عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم خاصة. قاله الضحاك، واستدل بقوله تعالى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ [المدثر: ٦٠] أي لا تعط العطاء تريد أكثر منه؛ وقال ابن عباس: الربا رباءان، فربا لا يصح، يعني ربا البيع، وربا لا بأس به، وهو هدية الرجل يريد فضلها وأضعافها. ثم تلا هذه الآية وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وإنما الثواب عند الله في الزكاة. ولهذا قال تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ أي الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء، كما جاء في الصحيح: «وما تصدّق أحد بعدل تمرة من كسب طيّب إلا أخذها الرحمن بيمينه، فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه

<<  <  ج: ص:  >  >>