للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محورها الآمر بالعبادة، وهاهنا في قصة يوسف عليه السلام نلاحظ أنه بعد ما قص الله علينا قصة يوسف قال: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ، وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ليبين لنا ربنا الحكمة من إيراد هذه القصة بما يحقق الهدف من إيرادها ضمن المحور العام لها وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا .... بما يقوم به الحجة على الخلق فلننتبه إلى هذا المعنى الذي تستشعر فيه وحدة السورة، مع وحدة الربط بينها وبين السياق القرآني العام

[ولنعد إلى السياق]

لقد رأينا فيما مر من خاتمة السورة أن الحجة على الناس تقوم بذكر قصة يوسف في القرآن، ولكن يحول دون الإيمان عمى عن الآيات، ثم تأتي الآن آية لتبين أن عمى هؤلاء عن الآيات والحجج في السورة يجري على نسق واحد، مع عماهم عن آيات الله في الأرض والسماء، ومن ثم قال تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ أي من علامة ودلالة على الخالق وصفاته فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها على الآيات وَهُمْ عَنْها أي عن الآيات مُعْرِضُونَ أي لا يعتبرون بها،

وإذا آمنوا فإن إيمانهم يرافقه شرك فقال: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ وبأنه خلقهم وخلق السموات والأرض وما فيهما من آيات إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ بوثن أو بشر أو حجر أو قمر أو شمس أو طبيعة أو غير ذلك، فقد أقام الله الحجة على خلقه بهذا القرآن، ومع ذلك لم يؤمن أكثرهم، وأقام الحجة على خلقه بآياته في الكون ومع ذلك لم يلتفتوا إليها، وأكثر من يلتفت إليها يؤمن بالله على شرك، فليس القصور في الحجة، ولكن في العمى والسلوك المنحرف،

ثم أنذر الله عزّ وجل هؤلاء فقال: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ أي عقوبة تغشاهم وتشملهم مِنْ عَذابِ اللَّهِ إن لم يؤمنوا واستمروا على شركهم أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ أي القيامة بَغْتَةً أي فجأة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانها فإذا كان الأمر أنهم بين مداهمة عذاب الله، أو مداهمة القيامة، فكيف لا يؤمنون، وكيف يشركون،

ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعلن أمام جحودهم وأمام شركهم.

قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أي طريقي ومسلكي وسنتي، والإشارة في الآية إلى الدعوة السابقة المتمثلة بالإيمان والتوحيد والمعني: هذه سبيلي التي هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد: ثم فسر هذه السبيل بقوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أي أدعو إلى دينه

<<  <  ج: ص:  >  >>