دلنا على بداية هذه المجموعة ونهايتها أن سورة المرسلات مبدوءة بقسم كسورة الصافات والذاريات، وتلك علامة على بداية مجموعة، إذا لم يكن سبب مانع، وبعد سورة النبأ تأتي سورة النازعات المبدوءة بقسم، مما يشير إلى أنها بداية مجموعة جديدة، فتعين أن سورتي المرسلات والنبأ مجموعة واحدة، وقد مرت معنا حتى الآن أكثر من مجموعة ثنائية، فسورتا (الصافات) و (ص) شكلتا مجموعة واحدة، وسورتا الحشر والممتحنة شكلتا مجموعة واحدة، وسورتا القيامة والإنسان شكلتا مجموعة واحدة، وهاتان السورتان تشكلان مجموعة واحدة، ونحب هنا أن نسجل ملاحظة هي:
إن كلمة يوم الفصل تتكرر أكثر من مرة في سورة المرسلات، وترد مرة واحدة في سورة النبأ، وهذه الكلمة نفسها وردت في سورة الصافات من قبل في قوله تعالى:
هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ والملاحظ أن كلمة النبأ وردت في سورة (ص) في قوله تعالى: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، وأن سورة النبأ تبدأ بقوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ. مما يوحي بالتشابه بين مجموعة الصافات ومجموعة المرسلات، ومما يشعرنا بوحدة المحاور، فالصافات وص فصلتا في مقدمة سورة البقرة، والظاهر أن سورتي المرسلات والنبأ تفصلان في مقدمة سورة البقرة، الأولى منهما كالصافات تفصل في الآيات الخمس الأولى التي تتحدث عن المتقين، والثانية منهما تفصل في الآيتين بعد ذلك على تداخل بينهما وتكامل.
والملاحظ أن سورة الإنسان تحدثت عما أعد الله عزّ وجل للكافرين، وعما أعده للأبرار، وأن سورة المرسلات تبدأ بمجموعة أقسام جوابها إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ ثم تتحدث السورة عما يجري في ذلك اليوم، فالصلة بين سورتي الإنسان والمرسلات واضحة المعالم، وسورة الإنسان تنتهي بقوله تعالى: وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً، ولازمة سورة المرسلات هي وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.* فالصلة بين نهاية سورة الإنسان وبين سورة المرسلات واضحة. فلنبدأ عرض سورتي المجموعة.