انتهت المجموعة الثانية من المقطع الثاني بعد أن أقامت الحجة على وجود اليوم الآخر، وأقامت الحجة على منطق الكافرين في زعمهم أن الدنيا هي الميزان، وأقامت الحجة على الزعم بأن الإكرام الدنيوي علامة على إكرام الله الأخروي. وكل ذلك بصيغة التبشير والإنذار
والآن تأتي مجموعة ثالثة لتتحدث عن اتخاذ المشركين آلهة مع الله. فتنذرهم وتحذرهم وتبشر المتقين، ثم تأتي مجموعة رابعة تتحدث عن نسبة الولد إلى الله، فتنذر وتحذر كما سنرى. إن الكفر باليوم الآخر، والشرك بالله، ونسبة الولد إليه، هي محاور الكفر والانحراف الرئيسية التي تعالجها هذه المجموعات وتنذر أصحابها، ومن قبل في المجموعة الأولى من المقطع الثاني عولج ترك الصلوات واتباع الشهوات.
إن هذه القضايا من أهم ما بعث الرسل من أجله، وأنزلت الكتب للحكم فيه.
وهذا القرآن يحكم فيه وكل ذلك بصيغة التبشير والإنذار
[تفسير المجموعة الثالثة]
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً أي أصناما وشركاء يعبدونهم من دون الله لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا أي ليعتزوا بآلهتهم في الدنيا، ويكونوا لهم شفعاء وأنصارا ينقذونهم من العذاب في الآخرة.
ثم أخبر تعالى أنه ليس الأمر كما زعموا ولا يكون ما طمعوا فقال: كَلَّا كلمة ردع تردعهم عما ظنوا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ أي ستجحد يوم القيامة هذه التي اتخذوها آلهة عبادتهم وينكرونها وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ويكون المعبودون على المشركين خصما على خلاف ما رجوا منهم، ثم عجّب الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم من غلبة الشياطين على الكافرين، وسيطرتهم عليهم، مما يشير إلى أنه لا شرك إلا بإغواء الشياطين
أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ أي خليناهم وإياهم، أو سلّطناهم عليهم بالإغواء تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أي تغريهم على المعاصي إغراء والأز والهز أخوان ومعناهما التهييج وشدة الإزعاج.
ثم قال تعالى: فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا أي إنما نعد لهم أعمالهم للجزاء، وأنفاسهم للفناء، حتى إذا أتموا العدد المقدر كان الأخذ، أي إنما نؤخّرهم لأجل معدود مضبوط، وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله. قال السدي فيها: إنما نعد لهم عدا: السنين، والشهور،