مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ* وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ والآن يأتى قوله تعالى:
حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ على الناس وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ أي نشر من الأرض، أي ارتفاع يَنْسِلُونَ يسرعون في المشي إلى الفساد
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ أي يوم القيامة، فإنه إذ تفتح يأجوج ومأجوج يكون قد شارف فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا أي مرتفعة الأجفان، لا تكاد تطرف من هول ما هم فيه، وذلك إذا قامت القيامة يا وَيْلَنا أي يقولون يا ويلنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا في الدنيا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ بوضعنا العبادة في غير محلها.
ملاحظة: إذا مستهم نفحة العذاب في الدنيا قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ وإذا جاء يوم القيامة قالوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ ألا ترى الصلة واضحة بين ما ورد قبل قصص الأنبياء، وبين ما نحن فيه الآن، وبين بداية السورة، وبين ما نحن فيه الآن:
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ في أول السورة، وهاهنا يذكر الله عزّ وجل موضوع اقتراب يوم القيامة، وقول الكافرين إذا جاء قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ فهم يعترفون بتقصيرهم حيث لا ينفع التقصير.
وإذ أرجعنا السياق إلى أول السورة فالآن يأتي التهديد للذين ذكر حالهم أول السورة، وهم المعرضون الغافلون والذين زادتهم السورة توضيحا بأنهم مشركون فيقول:
إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني الأصنام وإبليس وأعوانه، لأنهم بطاعتهم لهم واتباعهم خطواتهم في حكم عبدتهم حَصَبُ جَهَنَّمَ أي حطبها ووقودها أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ أي فيها داخلون
لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً أي كما زعمتم ما وَرَدُوها أي ما دخلوا النار وَكُلٌّ من العابد والمعبود فِيها أي في النار خالِدُونَ لا يخرجون منها أبدا
لَهُمْ أي الكفار فِيها زَفِيرٌ أي أنين وبكاء وعويل وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ شيئا ما؛ لأنهم صاروا صما، وفي السماع نوع أنس لهم فلم يعطوه.
هذا حال أهل الشقاوة، فكيف حال أهل السعادة؟
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أي الخصلة المفضلة وهي السعادة، أو البشرى بالثواب أو التوفيق للطاعة أُولئِكَ عَنْها أي عن جهنم مُبْعَدُونَ
لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها أي صوتها الذي