١ - إن أول شئ يربط قصة إبراهيم وإسحاق ويعقوب ولوط ونوح عليهم السلام بسياق السورة هو كونهم بشرا رسلا، وهو الشئ الذي يحاول المشركون استبعاده، كما ذكر الله ذلك في أول السورة وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.
٢ - في ذكر القصص الثلاث بيان لعاقبة مكر الكافرين، إذ فشل الله مكرهم في قصة إبراهيم، وعوقبوا بسببه في قصة لوط ونوح عليهما السلام وفي عقوبتي قوم لوط وقوم نوح تذكير بما قصة الله علينا في السورة عن حال المعرضين إذ ينزل بهم العقاب.
٣ - في ذكر قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه، وكسره الأصنام، وإقامة الحجة عليهم، تذكير للعرب الذين يقدسون إبراهيم ويعرفونه أبا لهم بالتوحيد، وتذكير لهم بأن ما هم عليه من الشرك لا تقوم به حجة، بل هو السفه والجهل الكاملان، إذ أننا رأينا أن من عوامل الإعراض عن الوحي الشرك.
٤ - إن قصة إبراهيم ولوط ونوح عليهم السلام تدل على أن العبرة بالخواتيم، فهذا إبراهيم ينجيه الله في أحلك لحظة، وهذا لوط ينجيه الله في ساعة الكربة، وهذا نوح ينجيه الله وينصره بعد الزمن الطويل، وفي ذلك إشارة إلى أن استعجال المعرضين عن الوحي يدلل على جهلهم بسنة الله.
ومما مر ندرك أن هذه القصص تضيء على ما سبقها من السورة، بل هي تأتي كالأمثلة لما ذكر في السورة من قبل من قواعد وحجج وأدلة تدحض أقوال الكافرين بالوحي، والمعرضين عنه، إذا عرفنا صلة هذه الفقرة من المجموعة السابعة بسياق السورة، فما هي صلتها بالمحور العام للسورة من سورة البقرة؟ إن المحور العام هو:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ إن في القصص الثلاث نماذج على ثلاثة أقوام لم ينفعهم الإنذار، ولم تنفعهم الحجج كما أن في القصص الثلاث تثبيتا لقلب النذير، ودروسا هادية له، نراه يطبقها واحدا فواحدا فقد هاجر، وقد حطم بعض الأصنام مع علي، كما تذكر روايات حسنة السند قبل الهجرة وقال في محنته حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وهكذا، وعلى هذا فالفقرة تخدم سياق السورة الخاص،