للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ .... وفيما بين ذلك حديث عن مظاهر العلم والقهر والحكمة:

قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ....

وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ ... فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ ....

فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ... وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ

ومن خلال ذلك نرى وحدة الجولة.

والجولة تعرض مواقف للكافرين، وترد عليها، وتقصّ علينا اقتراحات الكافرين المتعنة، وتناقشهم فيها، وتأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقول كلاما محددا؛ ولذلك يتكرّر فيها الأمر «قل» ومن ثمّ فهي استمرار للمقطع الأول؛ ففيها منه شبه، وذلك مظهر من مظاهر وحدة سياق السّورة.

والجولة مع هذا كله تفصّل في محور السورة من سورة البقرة، ويكفي أن تقارن آخر آية فيها: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. يكفي أن تقارن هذه الآية بقوله تعالى في المحور: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

حتى تدرك الصلة بين الجولة وبين محور سورة الأنعام من سورة البقرة.

وإذ تقرّرت وحدة الجولة ومحلها في سياق السورة ومحلها بالنسبة للسياق القرآني العام فلننتقل إلى عرض معانيها العامة.

[المعنى العام]

يقرّر الله تعالى في بداية هذه الجولة أنّه هو القاهر فوق عباده، فهو الذي خضعت له الرّقاب، وذلّت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل شئ، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوّه وقدرته الأشياء؛ فاستكانت وتضاءلت بين يديه، وتحت قهره وحكمه، فلا تنفذ مشيئة إلا بمشيئته، ولا يكون إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>