للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: وقال العوفي عن ابن عباس وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا يقول: يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب ...

وقال أبو العالية: كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب يقولون اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم.

ولما عرض القرطبي لهذه الآية قال: والاستفتاح: الاستنصار ...

قال ابن عباس: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فلما التقوا هزمت يهود، فعاذت يهود بهذا الدعاء وقالوا: إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا تنصرنا عليهم قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان» فعلى هذا الاتجاه في سبب النزول يكون اليهود قد توسلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل معرفتهم بوجوده، ولأن الله عزّ وجل قد أقام عليهم الحجة بذلك، فذلك دليل عند هؤلاء على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حياته ومن المعلوم أن حسن البنا- رحمه الله- مجدد القرن الرابع عشر الهجري يرى أن التوسل مسألة فرعية، أي ليست من مسائل الأصول التي لا يسع المسلمين الخلاف فيها، وذلك لوجود أدلة لكل من الطرفين فيها، ونحن سنحقق هذا الموضوع عند قوله تعالى في سورة الأعراف وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وإنما أشرنا إلى هذا الموضوع هنا بمناسبة استدلال أحد الطرفين بالآية المذكورة على صحة ما ذهب إليه.

[فصل في روايات أهل الكتاب]

رأينا في مقطع بني إسرائيل قوله تعالى ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وقوله تعالى فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وهذا يجعلنا حذرين في قبول الروايات الكتابية: أخرج البخاري من طرق عن الزهري عن ابن عباس قال: «يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ، وكتاب الله تعالى الذي أنزله على نبيه أحدث أخبار الله تقرءونه غضا لم يشب، وقد حدثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، لا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل عليكم» ولقد استطاع رحمة الله بن خليل الهندي في كتابه العظيم (إظهار الحق) أن يأتي بمئات الشواهد والأدلة من كلام علماء اليهود والنصارى أنفسهم على التحريف والتغيير والتبديل في الكتب الحالية المعتمدة عند

<<  <  ج: ص:  >  >>