يَوْمَئِذٍ أي: يوم يكون ذلك الزلزال، وإخراج الأثقال وتساؤل الإنسان تُحَدِّثُ الأرض أَخْبارَها أي: تحدث الأرض الخلق أخبارها، قال ابن كثير:(أي: تحدث بما عمل العاملون على ظهرها. روى الإمام أحمد والترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي- واللفظ له- عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها قال: «أتدرون ما أخبارها؟» قالوا: الله ورسوله أعلم قال:
«فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا فهذه أخبارها» ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب).
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها أي: بسبب أن ربك أذن لها أن تحدث، وأن تقول، قال النسفي: أي: تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها، أي: إليها، وأمره إياها بالتحديث
يَوْمَئِذٍ أي: يوم يكون ذلك يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً قال النسفي:
أي: يصدرون عن مخارجهم من القبور إلى الموقف أشتاتا، بيض الوجوه آمنين، وسود الوجوه فزعين، أو يصدرون عن الموقف أشتاتا يتفرق بهم طريقا الجنة والنار) وقال ابن كثير:(أي: يرجعون عن موقف الحساب أشتاتا أي: أنواعا وأصنافا ما بين شقي وسعيد، ومأمور به إلى الجنة ومأمور به إلى النار، قال ابن جريح: يتصدعون أشتاتا فلا يجتمعون آخر ما عليهم، وقال السدي: أشتاتا فرقا). لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ أي: ليروا جزاء أعمالهم. قال ابن كثير: أي: ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدنيا من خير وشر، ولهذا قال:
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ أي: يرى جزاءه
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ أي جزاءه، والذرة هي غاية ما يضرب به المثل في الصغر، وقد رأينا في سورة يونس وغيرها أن الله عزّ وجل ذكر ما هو أصغر من الذرة فقال: وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ ..
فليس المراد في آية الزلزلة التحديد العلمي للذرة وأنها أصغر الأشياء، بل المراد أنه مهما قل العمل من خير أو شر فإن الإنسان ملاقيه، وليس كالذرة مضرب مثل في هذا؛ لأنه لا يوجد في الكون ما هو أصغر من الذرة كشئ متكامل.
[كلمة في السياق]
واضح تسلسل السياق الخاص للسورة فلا حاجة للكلام عنه، وأما صلة السورة بمحورها فإن الله عزّ وجل قال في المحور: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وقد ذكرت السورة متى يكون هذا الرجوع،