فشاع فيهم واشتهر بينهم، وكان ذلك توطئة، وتخصيص الشام بظهور نوره إشارة إلى استقرار دينه ونبوته ببلاد الشام، ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلا للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم، إذا نزل بدمشق بالمنارة الشرقية البيضاء منها، ولهذا جاء في الصحيحين «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» وفي صحيح البخاري «وهم بالشام» .. اه. أقول: والمراد ببدء أمره عليه الصلاة والسلام أي بدء ظهور أمره في هذا العالم وأقول: إن للشام لرسالة وإن على أهلها لواجبا.
٤ - وقال صاحب الظلال تعليقا على دعوة إبراهيم وإسماعيل في أن يبعث الله في ذريتهما رسولا:«وكانت الاستجابة لدعوة إبراهيم وإسماعيل هي بعثة هذا الرسول الكريم بعد قرون وقرون .... إن الدعوة المستجابة تستجاب ولكنها تتحقق في أوانها الذي يقدره الله بحكمته، غير أن الناس يستعجلون، وغير الواصلين يملون ويقنطون».
[كلمة في السياق]
انتهت الفقرة الأولى من مقطع إبراهيم وقد تقررت فيها إمامة إبراهيم وسببها، وإمامة بعض ذريته، وتقررت فيها إمامة البيت، وبعض الآداب فيه ومعه، وتقررت فيها مجموعة الرغبات التي كانت في قلب إبراهيم وإسماعيل، والتي تمثلت بدعوات، وإذ كان إبراهيم إماما فإن هذه الرغبات لكل منها وزنه العظيم.
والقضيتان الكبيرتان في الفقرة هما الإسلام والبيت، والفقرتان اللاحقتان في هذا المقطع تناقشان الراغبين عن الإسلام والداعين لغيره. وسيأتي المقطع اللاحق ليكون فيه كلام عن اتخاذ البيت قبلة ولم نخرج من الفقرة الأولى إلا وقد اتضح موضوع الإسلام، والأمة المسلمة، التي سيتجدد ظهورها فيما بعد، بذرية إبراهيم وإسماعيل من العرب، ليشكلوا نواة الأمة الإسلامية في العالم بعد غياب، بالقائد والمنشئ والمربي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
[الفقرة الثانية في مقطع إبراهيم عليه السلام]
قلنا الفقرتين التاليتين في مقطع إبراهيم كلتاهما تناقش موضوع الإسلام.