أمر لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يوجه المؤمنين وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ....
فكأن المقطع له مقدمة هي الآية الأولى منه. وفيه مجموعتان والمجموعة الأولى تتألف من فقرتين: فقرة تخاطب الكافرين وترد عليهم. وفقرة تخاطب المؤمنين ثمّ تعم بالخطاب وهذه هي:
[الفقرة الثانية من المجموعة الأولى من المقطع الثاني]
وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي الكلمة التي هي أحسن سواء في مخاطباتهم مع بعضهم. أو في مخاطباتهم مع الكافرين. ثمّ علّل للجانب الأهمّ في هذا الأمر وهو قول الكلمة الأحسن للمؤمنين فقال: إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ أي إن لم يقولوا في مخاطباتهم الكلام الأحسن، وهو الكلمة الطيّبة، فإن الشيطان يلقي بينهم الفساد، ويغري بعضهم على بعض؛ ليوقع بينهم المشاقة إذ النزغ إيقاع الشر، وإفساد ذات البين، فيوقع الشيطان الشر والمخاصمة والمقاتلة. إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً أي ظاهر العداوة. ومع أن السياق وعموم اللفظ يدلان على أن الأمر بالكلمة التي هي أحسن عامة في الكافرين والمؤمنين. فقد علل للأمر في حق المؤمنين فقط، لأن هؤلاء هم الهدف. وأما الكافرون فإنه وإن كانت الكلمة الخشنة، قد تبعدهم إلا أنهم يستأهلونها. ومن ثم فهناك حالات تسمح لنا بالكلمة الخشنة معهم.
وما صلة هذه الآية في السياق؟
إن الآية الأولى في المقطع تبيّن أن الله قد صرّف القرآن ليذّكروا فكان من المناسب أن يذكّر عباده في هذا السياق بخلق من أخلاق الإسلام، وهو الكلمة الطيبة.
ثم يختم الله تعالى هذه الفقرة بما فيه تقرير لمعان وتعليل لما مر من معان. فقال: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ أيها الناس أي أعلم بمن يستحق منكم الهداية ومن لا يستحق إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بأن يوفقكم لطاعته والإنابة إليه أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ إن اخترتم طريق العذاب وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ يا محمد وَكِيلًا أي حافظا لأعمالهم وموكولا إليك أمرهم. إنما أرسلناك نذيرا، فمن أطاعك دخل الجنة، ومن عصاك دخل النار
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي بأحوالهم وبكل ما يستأهل كل واحد منهم وبمراتبهم في الطاعة والمعصية وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وذلك أثر