شركاء- فأي شيطان يا ترى يصرفهم عن هذا الرصيد الضخم؟ أي شيطان؟!
لقد كانت المنة الإلهية على هذه الأمة بهذا الرسول، وبهذه الرسالة عظيمة عظيمة.
وما يمكن أن يصرفها عن هذه المنة إلا شيطان .. وهي مكلفة من ربها بمطاردة الشيطان؟!.»
ثم يعود السياق بعد هذه الآية إلى المعنى الذي بدأ به المقطع وهو أحد دروس يوم أحد، والمرتبط بما أصاب المؤمنين فيه، والذي يناقش قولة الكافرين ويردها. لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا ... وكما قلنا، لقد اعترض ما بين بداية المقطع ونهايته بالآيات التي رأيناها، والتي بدأت بالتذكير بنعمة، وختمت بالتذكير بنعمة.
وكلتا النعمتين في موضوع الرسالة والرسول، ليتخلص المؤمنون من هذا التصور الكاذب الفاسد في فهم ما حدث، وما يحدث من أمثاله للمسلمين في معاركهم. أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ يوم أحد من قتل سبعين منكم قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها. أي: يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين. قُلْتُمْ أَنَّى هذا. أي: من أين جرى علينا هذا.
قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ. أي: أنتم السبب، أي: ما أصابكم كان بسبب عصيانكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم ألا تبرحوا من مكانكم، فعصيتم يعني بذلك- الرماة- إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. أي: يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد ولا معقب لحكمه. يقدر على النصر وعلى منعه، وقد منعكم نصره في أحد، وأعطاكم إياه في بدر. منعكموه الآن عدلا، وأعطاكموه قبل فضلا، والاستفهام في قوله تعالى:
أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ .. في الآية يراد به التقرير والتقريع كأنه قيل: أفعلتم كذا، وقلتم حينئذ كذا. وإذا تذكرنا بداية المقطع لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ .. علمنا أن المقصود الرئيسي في المقطع هو تصحيح التصورات للجماعة المسلمة في موضوع القتال، وآثاره السلبية من خلال وقعة أحد.
وبعد الآية السابقة، تأتي آية تؤكد الحكمة التي مرت من قبل وتبينها ليتوصل منها إلى كلام المنافقين، الذين لا يدركون حكم الله فيما يفعل، والذين يشبه كلامهم كلام الكافرين الذي ابتدأ به المقطع، ليرده وليبين أن الكفر والنفاق شئ واحد وليسجل خلال ذلك الموقف الشائن للمنافقين قبل المعركة إذ انفصلوا عن المؤمنين، فقال مبينا هذا كله: وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ أي: جمعكم وجمع المشركين في أحد، والذي أصابكم فيه هو فراركم بين يدي عدوكم، وقتل جماعة منكم، وجرح