للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله؛ أو سحر موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر، وليس بمعجزة من عند الله، أي هو مفتعل مصنوع وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ يعنون عبادة الله وحده لا

شريك له، يقولون ما رأينا أحدا من آبائنا على هذا الدين، ولم نر الناس إلا يشركون مع الله آلهة أخرى. فقال موسى عليه السلام مجيبا لهم

وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ يعني مني ومنكم، وسيفصل بيني وبينكم ولهذا قال وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ أي من النصرة والظفر والتأييد إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ أي المشركون بالله عزّ وجل

وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي قصد بنفي علمه بإله غيره نفي وجوده أي ما لكم من إله غيري، أو هو على ظاهره وأن إلها غيره غير معلوم عنده فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ أي اطبخ لي الآجر واتخذه فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً أي قصرا عاليا لَعَلِّي أَطَّلِعُ أي أصعد فأرى إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ أي وإني لأظن موسى كاذبا في دعواه أن له إلها وأنه أرسله إلينا رسولا. قال النسفي: (وقد تناقض المخذول فإنه قال: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي ثم أظهر حاجته إلى هامان، وأثبت لموسى إلها وأخبر أنه متيقن بكذبه

وَاسْتَكْبَرَ أي وتعظم هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ أرض مصر بِغَيْرِ الْحَقِّ أي بالباطل، فالاستكبار بالحق لله تعالى، فهو المتكبر على الحقيقة، وذلك من كمال ذاته وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ أي اعتقدوا أنه لا قيامة ولا معاد

فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ أي أغرقناهم في البحر في صبيحة واحدة فلم يبق منهم أحد وقد شبههم استقلالا لعددهم وإن كانوا الجم الغفير بحصيات أخذهن آخذ بكفه فطرحهن في البحر فَانْظُرْ يا محمد وحذر قومك فإنك منصور عليهم كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ في الدنيا قبل الآخرة

وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً أي: قادة يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ أي: إلى عمل أهل النار وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ من العذاب فاجتمع عليهم خزي الدنيا موصولا بذل الآخرة

وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً أي ألزمناهم طردا وإبعادا عن الرحمة، أو شرع الله لعنتهم ولعنة ملكهم فرعون على ألسنة المؤمنين من عباده المتبعين لرسله، فهم ملعونون على ألسنة الأنبياء وأتباعهم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ أي المطرودين المبعدين أو الهالكين المشوهين

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى أي قوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام بَصائِرَ لِلنَّاسِ أي أنوارا فالبصيرة نور القلب الذي يبصر به الرشد والسعادة، كما أن البصر نور العين الذي يبصر به الأجساد، وقد جعل الله التوراة نورا للقلب لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>