والمنافقين- أي الفاسقين جميعا- ووعظهم، والآن يتوجّه الخطاب للقائد المكلّف بالقتال.
فَاعْلَمْ أَنَّهُ أي: أن الشأن لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ قال النسفي: والمعنى: فاثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله، وعلى التواضع وهضم النفس، باستغفار ذنبك وذنوب من على دينك وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ في معايشكم ومتاجركم وَمَثْواكُمْ أي: ويعلم حيث تستقرون في منازلكم، أو متقلّبكم في حياتكم ومثواكم في القبور، أو متقلّبكم في أعمالكم ومثواكم في الجنة والنار، ومثله حقيق بأن يتقى ويخشى وأن يستغفر، واختار ابن كثير القول الأول قال: أي: يعلم تصرّفكم في نهاركم ومستقركم في ليلكم.
كلمة في السياق:[في أن التوحيد والاستغفار من شروط النصر]
من السياق نعرف أن التوحيد الخالص والاستغفار للنفس وللمؤمنين هما من شروط النصر، ومن أدب المسلم المجاهد، وبدونهما لا يكون جهاد في سبيل الله، إذ لا جهاد تحت راية التوحيد ولا جهاد إلا إلا بجماعة، ولا جماعة إلا برحمة، ومن مظاهر الرحمة الاستغفار لبعضنا بعضا، ثم إن الأمر بالاستغفار في هذا السياق فيه إشعار بأن الذنب معوّق عن النّصر، فبقدر ما يوجد توحيد واستغفار يكون نصر الله قريبا، ثم يحدثنا الله عزّ وجل عن طائفة تتحمّس للقتال حتى إذا افترض جبنت عنه.
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فيها ذكر الجهاد فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ أي: مبيّنة غير متشابهة لا تحتمل وجها إلا وجوب القتال، أي مشتملة على حكم القتال بدليل ما يأتي وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ أي: أمر فيها بالجهاد رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي: نفاق يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ من فزعهم ورعبهم، وجبنهم من لقاء الأعداء، أي تشخص أبصارهم جبنا وجزعا كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت قال تعالى مشجّعا لهم ومرشدا فَأَوْلى لَهُمْ* طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ قال ابن كثير: أي وكان الأولى بهم أن يسمعوا ويطيعوا، أي في الحالة الراهنة فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ أي: جدّ الحال وحضر القتال فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ في