عندي استكبار ولا إباء عن عبادته، فلو فرض هذا لكان هذا، ولكن هذا ممتنع في حقه تعالى. والشرط لا يلزم منه الوقوع ولا الجواز أيضا ... وقال السدي: أي ولو كان له ولد كنت أول من عبده بأن له ولدا، ولكن لا ولد له وهو اختيار ابن جرير، وقال النسفي: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ وصح ذلك ببرهان فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ فأنا أول من يعظم ذلك الولد، وأسبقكم إلى طاعته، والانقياد إليه، كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه، وهذا كلام وارد على سبيل الفرض، والمراد نفي الولد وذلك أنه علّق العبادة بكينونة الولد وهي محال في نفسها، فكان المعلق بها محالا مثلها).
ثمّ نزّه الله عزّ وجل ذاته عن اتخاذ الولد فقال سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ قال ابن كثير: أي تعالى وتقدس وتنزّه خالق الأشياء عن أن يكون له ولد، فإنه فرد أحد صمد، لا نظير له ولا كفء له ولا ولد له .. وقال النسفي:(أي هو رب السموات والأرض والعرش فلا يكون جسما، إذ لو كان جسما لم يقدر على خلقها، وإذا لم يكن جسما لا يكون له ولد؛ لأن التولد من صفة الأجسام) وبعد أن أمره الله أن يعلن هذا الإعلان وينزه الله هذا التنزيه بعد أن أقام عليهم الحجة في السورة أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلم الأمر الثاني
فَذَرْهُمْ فدعهم يَخُوضُوا في باطلهم وجهلهم وضلالهم. وَيَلْعَبُوا في دنياهم حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ أي: يوم القيامة أي: فسوف يعلمون كيف يكون مصيرهم ومآلهم وحالهم في ذلك اليوم. قال النسفي:(وهذا دليل على أن ما يقولونه من باب الجهل والخوض واللعب .. ).
[كلمة في السياق]
بدأت السورة بمقدمة ثم بالمقطع الأول. وبدأ المقطع الأول بمقدمة حول القرآن، ثم بين موقف الكافرين بشكل ضمني من هذا القرآن، ثم جاء قوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ. وقلنا هناك إن السياق اتجه إلى معالجة أصل المشكلة، وهي قضية العقيدة التي الأصل فيها معرفة الله، ونفي الشرك، وتأكيد التوحيد، وتوضيح قضية اليوم الآخر، وقد عالجها السياق كلها كما رأينا- وبعد المعالجة الطويلة يعود السياق الآن للتعريف بالله عزّ وجل، وينتهي هذا- مرّة أخرى- بقوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ وكأن ما ورد بين وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ في