يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أي: لا تشغلكم أَمْوالُكُمْ والتصرف فيها والسعي في تدبير أمرها بالنماء وطلب النتاج وَلا أَوْلادُكُمْ وسروركم بهم، وشفقتكم عليهم، والقيام بمؤنهم عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ قال النسفي: أي: عن الصلوات الخمس أو القرآن. أقول: ذكر الله منه المفروض وهو كالصلوات الخمس، ومنه المندوب كالسنن الرواتب وأذكارها، وقراءة القرآن والاستغفار، ولا شك أن النهي أول ما ينصب على الانشغال عن الفرائض وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ أي: ينشغل بالدنيا عن ذكر الله، قال النسفي: وقيل من يشتغل بتثمير أمواله عن تدبير أحواله، وبمرضاة أولاده عن إصلاح معاده فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ قال النسفي:(أي: في تجارتهم حيث باعوا الباقي بالفاني) قال ابن كثير في الآية: يقول تعالى آمرا لعباده المؤمنين بكثرة ذكره، وناهيا لهم عن أن تشغلهم الأموال والأولاد عن ذلك، ومخبرا لهم بأنه من تلهى بمتاع الحياة الدنيا وزينتها عما خلق له من طاعة ربه وذكره، فإنه من الخاسرين الذين يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.