جهالتهم وغفلتهم حَتَّى حِينٍ أي إلى أن يقتلوا أو يموتوا
أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ أي أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لكرامتهم علينا، ومعزتهم عندنا! كلا ليس الأمر كما يزعمون، لقد أخطئوا في ذلك، وخاب رجاؤهم، بل إنما نفعل ذلك استدراجا وإنظارا وإملاء بَلْ لا يَشْعُرُونَ أنه استدراج لهم؛ لأنهم لا يتأملون ليدركوا أنهم لا يستأهلون، فيعرفوا أنهم مستدرجون والمعنى: أن هذا الإمداد ليس إلا استدراجا لهم إلى المعاصي، وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات، ومعالجة بالثواب، جزاء على حسن صنيعهم.
[فوائد]
١ - بمناسبة قوله تعالى يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ قال ابن كثير: قال الحسن البصري في قوله تعالى يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ قال: أما والله ما أمركم بأصفركم ولا أحمركم ولا حلوكم ولا حامضكم، ولكن قال انتهوا إلى الحلال منه، وقال سعيد بن جبير والضحاك كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ
يعني: الحلال، وقال أبو إسحاق السبيعي ...... كان عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمه. وفي الصحيح «وما من نبي إلا رعى الغنم» قالوا: وأنت يا رسول الله؟ - قال «نعم وأنا كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» وفي الصحيح «أن داود عليه السلام كان يأكل من كسب يده» وفي الصحيحين «إن أحب الصيام إلى الله صيام داود كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى» وروى ابن أبي حاتم عن ضمرة بن حبيب أن أم عبد الله بنت شداد بن أوس قالت: بعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم، وذلك في أول النهار، وشدة الحر، فرد إليها رسولها أنى كانت لك الشاة؟ فقالت: اشتريتها من مالي، فشرب منه، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله بنت شداد فقالت: يا رسول الله بعثت إليك بلبن مرثية لك من طول النهار وشدة الحر فرددت إلى الرسول فيه فقال لها:
«بذلك أمرت الرسل أن لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا» وقد ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي ومسند الإمام أحمد واللفظ له من حديث فضيل بن مرزوق عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ