ثم قال الأعمش: وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ قالها مرارا. قلت: لقد سمع فيها شيئا! فغدوت إليه، فودعته، ثم قلت: يا أبا محمد: إني سمعتك تردد هذه الآية! قال: أو ما بلغك ما فيها؟ قلت: أنا عندك منذ شهر لم تحدثني!! قال: والله لا أحدثك بها إلى سنة! فأقمت سنة، فأقمت على بابه؛ قلت يا أبا محمد: قد مضت السنة! قال: حدثني أبو وائل عن عبد الله قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله-
عزّ وجل-: عبدي عهد إلي، وأنا أحق من وفى بالعهد، أدخلوا عبدي الجنة».
ولننتقل إلى المقطع الثاني من القسم الأول في السورة:
[كلمة وسيطة بين المقطع الأول والمقطع الثاني وفوائد]
١ - ختم المقطع الأول بقوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وجاء بعدها قوله تعالى:
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ.
والهمزة في قراءة حفص من (شهد الله أنه) مفتوحة، والهمزة في (إن) من إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ مكسورة وقد ذكر البيضاوي: أن هناك قراءة تكسر همزة (إنه)، وهناك قراءة تفتح همزة (أن).
فعلى قراءة أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وعلى قراءة إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ، فإن الفعل (شهد) يعمل في آية: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ فيكون التقدير:
فعلى هاتين القراءتين، فإن الله وملائكته، وأولي العلم، كما يشهدون، أن الله واحد وقائم بالقسط فإنهم يشهدون أن الدين عند الله الإسلام، وهذا يدلنا على استمرارية الكلام في المقطع الثاني.
فإذا دلنا على نهاية المقطع الأول، ذكر القيام بالقسط، فإن مما يدلنا على أن المقطع الأول والثاني يشكلان قسما واحدا هو هذه الاستمرارية التي نراها بين أول آية في