واحد: وهي السعاية بين الناس بالإفساد
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ الخير هو المال هنا، أو للإسلام مُعْتَدٍ أي: مجاوز في الظلم حده، أو معتد في تناول ما أحل الله له يتجاوز فيها الحد المشروع أَثِيمٍ أي: كثير الآثام، أي: يتناول المحرمات
عُتُلٍّ أي: غليظ جاف بَعْدَ ذلِكَ أي: بعد كل ما مر من المثالب فهو غليظ جاف زَنِيمٍ أي: دعي ينتسب إلى غير أهله، وفسر ابن عباس الزنيم بأنه الدعي الفاحش اللئيم
أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ هذه الآية تحتمل تقديرين: التقدير الأول: ولا تطع من كانت هذه صفاته لكونه ذا مال وبنين، أي: لا تطعه ليساره وحظه في الدنيا. والتقدير الثاني: أن الآية متعلقة بما بعدها وهي:
إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي: خرافاتهم. فصار التقدير: ألأنه كان ذا مال وبنين كذب وقال عن آياتنا أساطير الأولين، ولم يذكر ابن كثير إلا التقدير الثاني. قال:
(مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين كفر بآيات الله عزّ وجل، وأعرض عنها، وزعم أنها كذب مأخوذ من أساطير الأولين).
ثم قال تعالى مهددا من هذه صفاته:
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ الخرطوم: الأنف، قال النسفي: وتخصيص الأنف بالذكر لأن الوسم عليه أبشع. قال ابن جرير: أي: سنبين أمره بيانا واضحا حتى يعرفوه، ولا يخفى عليهم، كما لا تخفى عليهم السمة على الخراطيم، وقال آخرون: أي: سنسمه سمة أهل النار، يعني: بسوء وجهه يوم القيامة، وعبر عن الوجه بالخرطوم، ونموذج هذا الصنف في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن المغيرة كما قال الجمهور.
[كلمة في السياق]
١ - نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الفقرة عن طاعة صنفين هما المكذبون ومن اتصف بالصفات العشر المذكورة: الحلف، والمهانة، والهمز، والنميمة، ومنع الخير، والاعتداء، وارتكاب الإثم، ومقابلة نعمة الله بكفرانها، وقوله تعالى في الصنف الثاني:
إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يشير إلى أن كلا من الصنفين مكذب، إلا أن العرض أشعر أنه يمكن أن يوجد إنسان متصف بهذه الصفات حتى ولو لم يعلن تكذيبه، فالمكذبون هذه أخلاقهم، ولذلك صلته بمحور السورة وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. فالفقرة عرفتنا على صفات الكافرين والمكذبين، وذكرت لنا بعض ما يعذبون به سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ.
٢ - وهكذا عرفنا من السورة أن لله رسولا أنعم الله عليه بالوحي والخلق