للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم الله على شئ إلا بمشيئة الله، وتعليمه. فما عرفه الإنسان من عالم الغيب، وما عرفه الإنسان من عالم الشهادة، وقوانين هذا الكون، وكيفية تسخيره، إلا بمشيئة الله، وتعليمه. فهو الذي علم الإنسان ما لم يعلم. وهو الذي علم كل شئ ما علم.

وهناك وجه آخر. قال ابن كثير: ويحتمل أن يكون المراد: لا يطلعون على شئ من علم ذاته وصفاته، إلا بما أطلعهم الله عليه. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ: للعلماء في تفسير الكرسي هنا أقوال. منهم من فسره بالعلم، ومنهم من فسره بالعرش، ومنهم من فسره بمخلوق عظيم محيط دون العرش، ومنهم من فسره بالقدرة، ومنهم من فسره بالملك. وقد قدم ابن كثير ذكر تفسير الكرسي هنا بالعلم، نقلا عن ابن عباس. ومن عادته في هذه الحالة، أن يقدم الأرجح عنده. ثم نقل قول ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن المسيب مثله. ونستطيع أن نقول: إن أجود ما يفسر به الكرسي، إن أخرجناه عن لفظه هذا التفسير. وإما إذا لم نخرجه عن لفظه، فأجود ما يقال فيه، ما قاله ابن كثير، والصحيح، أن الكرسي غير العرش.

والعرش أكبر منه، كما دلت على ذلك الآثار والأخبار، وإذن صار معنى النص على القول الأول: أحاط علمه السموات والأرض. وعلى القول الثاني: إن كرسيه الذي هو دون العرش، محيط بالسماوات، والأرض. ومن كان مثل هذا خلقه، ما أعظمه.

وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما أي: لا يثقله، ولا يشق عليه حفظ السموات والأرض، ومن فيهما، وما بينهما. بل ذلك سهل عليه، يسير لديه. وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، فلا يعزب عنه شئ، ولا يغيب عنه شئ.

والأشياء كلها متواضعة، ذليلة بين يديه، صغيرة بالنسبة إليه، محتاجة، فقيرة.

وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ العلي في ملكه وسلطانه، العظيم في عزه وجلاله. أو العلي المتعالي عن الصفات التي لا تليق به. العظيم المتصف بالصفات التي تليق به. فهما جامعان لكمال التوحيد. قال ابن كثير: (فقوله: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ كقوله:

الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح، الأجود فيها طريقة السلف الصالح. أمروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه).

[فوائد]

١ - روى الحافظ أبو يعلى وغيره عن عبد الله بن خليفة، عن عمر رضي الله عنه قال: أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة. قال: فعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>