حرف (سين)، وكل سورة في بدايتها حرف (قاف)، أن كل سورة من هذا القبيل معانيها مشتركة بين الرسالات السماوية كلها، وهذا يفيد أنه إذا كان هناك معنى تنفرد به رسالة محمد صلّى الله عليه وسلم فإنّه موجود في غير هذه السور، فإن من تأمّل هذه السور: سورة مريم، والطاسينات، وسورة يس، وآل حم كلها، وسورة قاف، يجد أن معانيها ليست خاصّة بهذه الرسالة، بل هي معان مشتركة في رسالات الرسل. وإذا صحّ فهمنا هذا فإنّ انفراد هذه السورة من بين سور آل (حم) ب (عسق)، يعطينا أكثر من مدلول، ويؤدي أكثر من خدمة، إن في الفهم، أو في السياق،
وبعد أن بيّن الله عزّ وجل أنّ الذي أوحى إلى محمد صلّى الله عليه وسلم وإلى الرسل قبله هو الله العزيز الحكيم، قال: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فالجميع عبيد له، وملك له، تحت قهره وتصريفه، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ قال ابن كثير: كقوله تعالى: الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ والآيات في هذا كثيرة.
تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ أي:
يتشققن مِنْ فَوْقِهِنَّ قال ابن كثير: أي فرقا من العظمة. وقال النسفي: ومعناه يكدن يتفطرن من علوّ شأن الله وعظمته وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ تنزيها وخضوعا وشكرا وعبودية لما يرون من عظمته وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أي:
للمؤمنين منهم كما مرّ في سورة غافر، خوفا عليهم من السخط، قال النسفي:(أو يوحدون الله وينزّهونه عما لا يجوز عليه من الصفات، حامدين له على ما أولاهم من ألطافه، متعجبين مما رأوا من تعرض المشركين لسخط الله تعالى، ويستغفرون لمؤمني أهل الأرض الذين تبرءوا من تلك الكلمة، أو يطلبون إلى ربهم أن يحلم عن أهل الأرض ولا يعاجلهم بالعقاب). أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ هذا إعلام من الله عزّ وجل أنه يستجيب لدعاء الملائكة فيغفر للمؤمنين ويرحمهم.
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ يعني المشركين الذين جعلوا له شركاء وأندادا اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ أي: رقيب على أقوالهم وأعمالهم لا يفوته منها شئ، فيجازيهم عليها. قال ابن كثير:
أي شهيد على أعمالهم يحصيها ويعدّها عدا وسيجزيهم بها أوفر الجزاء وَما أَنْتَ يا محمد عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ أي بموكّل عليهم، ولا نفوّض إليك أمرهم، إنما أنت منذر فحسب، تجري عليك وعليهم أقدار الله، وتخضعون لمجرى قضائه وقهره.
كلمة في السياق:[آيات المقطع حول صلتها بمقدمة سورة البقرة]
هذه الآيات هي مقدمة السورة، وهي المقطع الأول فيها، وقد بيّن الله عزّ وجلّ في