للقعود عن القتال مع ما فيه من الذل، والفقر، واستئصال الحق، وحرمان الغنيمة والأجر. وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ: أي هو أعلم بما هو خير لكم. وهو أعلم بعواقب الأمور منكم. والأعلم بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم. فاستجيبوا له وانقادوا لأمره.
[فوائد]
١ - قال الزهري:(الجهاد واجب على كل أحد غزا، أو قعد، فالقاعد عليه إذا استعين، أن يعين، وإذا استغيث أن يغيث. وإذا استنفر أن ينفر، وإن لم يحتج إليه، قعد). قال ابن كثير: ولهذا ثبت في الصحيح: «من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات ميتة جاهلية». وقال صلى الله عليه وسلم يوم الفتح:«لا هجرة بعد الفتح.
ولكن جهاد ونية. وإذا استنفرتم فانفروا».
٢ - من أقوال الفقهاء في الجهاد:«الجهاد فرض كفاية ابتداء وإن لم يبدأنا الكفار بالقتال». «وإياك أن تتوهم أن فرضيته تسقط عن أهل الهند بقيام أهل الروم مثلا، بل يفرض على الأقرب فالأقرب من العدو إلى أن تقع الكفاية، فلو لم تقع إلا بكل الناس فرض عينا». «والكلام كله في القتال ابتداء ولو لم يهاجمنا الكفار فآية: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً. (سورة التوبة)
تدل على أن الجهاد فرض على كل من يلي الكفار من المسلمين على الكفاية فلا يسقط بقتال الروم ممن يليهم عن أهل الهند مثلا».
«ويكون القتال فرض عين إن هجم العدو فيخرج الكل من ذكر وامرأة ومديون وغيرهم، ولو بلا إذن زوج أو أب أو صاحب دين، ويأثم الزوج والأب ونحوهما من المنع». «ويجب أن لا يأثم من عزم على الخروج وقعوده لعدم خروج الناس وتكاسلهم أو قعود السلطان أو منعه». (راجع حاشية ابن عابدين).
٣ - تحدث الفقهاء عن صورة ما إذا كنا عاجزين عن مكافأة العدو فذكروا أنه يفترض علينا في هذه الحالة أن نعد العدة ونأخذ بالأسباب الموصلة إلى مكافأتهم وسيأتي معنا في هذا التفسير مزيد بيان في شأن القتال.
٤ - إن القاعدة العامة: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فإذا كان قتال الكافرين حتى تكون كلمة الله هي العليا في العالم فريضة. فإن كل المقدمات اللازمة