للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب وجود شئ من الإيمان في قلوبهم إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ بالشقي والسعيد

وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ قال ابن كثير: معنى الاستثناء هاهنا أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم ليس أمرا واجبا بذاته بل هو موكول إلى مشيئة الله، فله المنة عليهم دائما، ولهذا يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ أي غير مقطوع، ولكنه ممتد إلى غير نهاية، ونلاحظ أن المقطع الأول من السورة ختم بقوله تعالى:

لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ* مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَفَلا تَذَكَّرُونَ.

وهذا المقطع ختم بقوله تعالى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ* وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ.

والملاحظ أن المقطعين الأول والخامس انتهيا بالكلام عن العاقبة النهائية للكافرين والعابدين، وما بين ذلك كانت القصص تركز على العاقبة الدنيوية للطرفين، والعبرة دائما بالعاقبة، أما ما يكون قبل ذلك من عتو، أو انتصار، أو ظلم، فهذا كله لا يساوي شيئا، وفي هذا درس بليغ للعابدين، فليحرص المسلمون أن يقوموا بحق الله في عبادته، وليحاسبوا أنفسهم على كل تقصير، بملازمة الاستغفار، والعاقبة في الدنيا والآخرة لهم.

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ نذكر الحديث المروي في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ الآية.

كما نلفت نظر أهل البصائر إلى ما نسمع به يوميا- تقريبا- من كارثة تقع في مكان ما في العالم، من غرق، أو خسف، أو حرق، أو غير ذلك، فالغافل يمر بهذا كله

<<  <  ج: ص:  >  >>