أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ: أي بسبب كون أمة أكثر عددا أو قوة من أمة.
وطلبا للمصلحة مع الأمة الأربى. ويدخل في مدلول النص أن يكون نقض العهد تحقيقا لما يسمى الآن (مصلحة الدولة) فتعقد دولة معاهدة مع دولة أو مجموعة دول، ثم تنقضها بسبب أن هناك دولة أربى أو مجموعة دول أربى في الصف الآخر، تحقيقا لمصلحة الدولة، فالإسلام لا يقرّ مثل هذا المبرر، ويجزم بالوفاء بالعهد، وعدم اتخاذ الأيمان ذريعة للغش والدخل. ذلك في مقابل أنه لا يقر تعاهدا ولا تعاونا على غير البر والتقوى. ولا يسمح بقيام تعاهد أو تعاون على الإثم والفسوق والعصيان، وأكل حقوق الناس، واستغلال الدول والشعوب .. وعلى هذا الأساس قام بناء الجماعة الإسلامية، وبناء الدولة الإسلامية، فنعم العالم بالطمأنينة والثقة، والنظافة في المعاملات الفردية والدولية يوم كانت قيادة البشرية إلى الإسلام.
والنص هنا يحذّر من مثل ذلك المبرر، وينبه إلى أن قيام مثل هذه الحالة: أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ هو ابتلاء من الله لهم، ليمتحن إرادتهم ووفاءهم وكرامتهم على أنفسهم، وتحرجهم من نقض العهد الذي أشهدوا الله عليه: إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ.
٢ - [حول أثر اتخاذ الأيمان غشا وخداعا في زعزعة العقيدة]
وقال صاحب الظلال بمناسبة قوله تعالى: وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ ... (واتخاذ الأيمان غشا وخداعا يزعزع العقيدة في الضمير، ويشوّه صورتها في ضمائر الآخرين: فالذي يقسم وهو يعلم أنه خادع في قسمه، لا يمكن أن تثبت له عقيدة ولا أن تثبت له قدم على صراطها. وهو في الوقت ذاته يشوّه صورة العقيدة عند من يقسم لهم ثم ينكث، ويعلمون أن أقسامه كانت للغش والدخل، ومن ثم يصدهم عن سبيل الله بهذا المثل السيئ الذي يضربه للمؤمنين بالله.
ولقد دخلت في الإسلام جماعات وشعوب بسبب ما رأوا من وفاء المسلمين بعهدهم، ومن صدقهم في وعدهم، ومن إخلاصهم في أيمانهم، ومن نظافتهم في معاملاتهم. فكان الكسب أضخم بكثير من الخسارة الوقتية الظاهرية التي نشأت عن تمسكهم بعهودهم).
وبمناسبة قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً قال صاحب الظلال: (وأن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الأرض. لا يهم أن تكون ناعمة رغدة ثرية بالمال. فقد تكون به،