الذي بأيديهم، واشتروا به ثمنا قليلا، ونبذوه وراء ظهورهم، وأقبلوا على الآراء المختلفة، والأقوال المؤتفكة، وقلدوا الرجال في دين الله، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، فعند ذلك قست قلوبهم، فلا يقبلون موعظة، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد). وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ أي: في الأعمال، قلوبهم فاسدة وأعمالهم باطلة قال النسفي:(أي: خارجون عن دينهم رافضون لما في الكتابين أي:
وقليل منهم يؤمنون).
قال الألوسي:(وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه إن هذه الآية قرئت بين يديه وعنده قوم من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديدا فنظر إليهم فقال: هكذا كنا حتى قست القلوب، ولعله أراد رضي الله تعالى عنه أن الطراز الأول كان كذلك حتى قست قلوب كثير من الناس، ولم يتأسوا بالسابقين، وغرضه مدح أولئك القوم بما كان هو ونظراؤه عليه رضي الله تعالى عنهم، ويحتمل أن يكون قد أراد ما هو الظاهر، والكلام من باب هضم النفس كقوله رضي الله تعالى عنه: أقيلوني فلست بخيركم).
[كلمة في السياق]
١ - هذه الآية تكاد تكون مقدمة للفقرة الثانية في المقطع، وفيها تهييج على الخشوع للقرآن، والخضوع له، والاتعاظ فيه، والعمل به، وتحذير أن تكون هذه الأمة كالأمم السابقة فيما وقعت فيه من قسوة القلب والفسوق عن أمر الله عزّ وجل، وصلة ذلك بقوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ واضحة، فبعد التفصيل في قضيتي الإيمان والإنفاق جاء التفصيل لموضوع اتباع الكتاب، والاتباع هو النتيجة التلقائية للإيمان وبقية أركان التقوى.
٢ - بعد هذه المقدمة للفقرة الثانية تأتي الآن مجموعات سنرى محلها في سياق السورة، وصلتها بمحور السورة، وقبل أن نعرض المجموعة الأولى من الفقرة الثانية فلنلخص ما مر معنا من السورة.
بدأت السورة بالتعريف على الله عزّ وجل، ثم أمرت بالإيمان به وبرسوله، وبالإنفاق في سبيله، وذكرت بكل ما يساعد على ذلك ويحققه، ثم أمرت بالخشوع للقرآن، ونهت عن قسوة القلب والفسوق عن أمر الله، ثم تأتي مجموعات تأمر بما يحقق هذا الخشوع، وبما يزيل قسوة القلب، وبما يبعد عن الفسوق، وذلك بعد