للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقيام بمراعاتها وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ أي في القرآن، مما ورد في سور: البقرة، والمائدة، والأنعام، والنحل، والمعنى: أن الله تعالى أحل لكم الأنعام كلها، إلا ما حرمه عليكم في كتابه، فحافظوا على حدوده، ولا تحرموا شيئا مما أحل الله، كتحريم البعض البحيرة ونحوها، ولا تحلوا مما حرم الله، كإحلالهم أكل الموقوذة، والميتة وغيرها فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الذي هو الأوثان مِنَ الْأَوْثانِ هذا بيان للرجس، وسمى الأوثان رجسا على طريقة التشبيه، يعني أنكم تنفرون بطباعكم عن الرجس، فعليكم أن تنفروا عنها وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ أي الكذب والبهتان، أو شهادة الزور، لما حث على تعظيم حرماته، أتبعه الأمر باجتناب الأوثان، وقول الزور، وجمع بين الشرك وقول الزور؛ لأن الشرك من باب الزور؛ إذ المشرك زاعم أن الوثن يحق له العبادة

حُنَفاءَ لِلَّهِ أي مخلصين له الدين، منحرفين عن الباطل، قصدا إلى الحق، ولهذا قال: غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ أي سقط مِنَ السَّماءِ إلى الأرض فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أي تسلبه بسرعة، أي تقطعه الطيور في الهواء أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ أي تسقطه فِي مَكانٍ سَحِيقٍ أي بعيد مهلك لمن هوى فيه

ذلِكَ أي الأمر ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ أي أوامره فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب، وإنما ذكرت القلوب لأنها مراكز التقوى، ومن شعائر الله الهدايا لأنها من معالم الحج، وتعظيمها: أن يختارها عظام الأحرام، حسانا سمانا غالية الأثمان

لَكُمْ فِيها مَنافِعُ من الركوب عند الحاجة، وشرب ألبانها عند الضرورة إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي إلى أن تنحر ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ أي محل الهدي وانتهاؤه إلى البيت العتيق: وهو الكعبة، والمعنى الدقيق لها: أي إلى وقت وجوب نحرها منتهية إلى البيت العتيق، والمراد نحرها في الحرم الذي هو في حكم البيت إذ الحرم حريم البيت

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم قبلكم أرسل الله لها رسولا، وطالبها بشريعة جَعَلْنا مَنْسَكاً أي إراقة دماء وذبح قرابين لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ دون غيره عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ أي عند نحرها وذبحها فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أي معبودكم واحد، وإن تنوعت شرائع الأنبياء، ونسخ بعضها بعضا، فالجميع يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له فَلَهُ أَسْلِمُوا أي أخلصوا واستسلموا لحكمه وطاعته وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ أي المطمئنين بذكر الله، أو المتواضعين الخاشعين،

ثم وصفهم الله تعالى فقال الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ أي خافت منه قلوبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>