للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ لهم مراد، ولله مراد، ومراد الله هو النافذ، وفي الآية تهييج للمؤمنين على قتالهم وبشارة للمؤمنين بالنتيجة، ومن عرف التاريخ والمحاولات الكثيرة المتجددة من قبل أهل الكتاب سياسيا وعسكريا واقتصاديا لإنهاء الإسلام، ومن عرف مقدار ما تنفقه المؤسسات التبشيرية للكيد للإسلام،

ثم رأى بقاء الإسلام وانتصاره في النهاية في كل معركة أدرك معنى الآية عمليا هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ أي محمدا عليه الصلاة والسلام بِالْهُدى أي بالقرآن والسنة وَدِينِ الْحَقِّ أي بالإسلام لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ أي ليعليه على أهل الأديان كلها، أو ليظهر دين الحق على كل دين وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ هذا الظهور وهذه الغلبة ولكن الله أقوى.

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ .. ننقل هذه النقول: روى الإمام أحمد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك، إلا أهل العهد وخدمهم». وروى الإمام أبو عمرو الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب: أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيه قول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ وقال عطاء: الحرم كله مسجد لقوله تعالى: فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا ودلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك كما ورد في الصحيح: «المؤمن لا ينجس» وهل نجاسة المشرك حسية أو معنوية؟ الجمهور أنها نجاسة معنوية، وليست نجاسة حسية فهو ليس بنجس البدن والذات بدليل أن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب.

٢ - وبمناسبة قوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قال ابن كثير: (وهذه الآية الكريمة أول أمر بقتال أهل الكتاب بعد ما تمهدت أمور المشركين، ودخل الناس في دين الله أفواجا، فلما استقامت جزيرة العرب أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين: اليهود والنصارى، وكان ذلك في سنة تسع، ولهذا تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا الناس إلى ذلك وأظهره لهم، وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة فندبهم فأوعبوا (أي جاءوا أجمعين) معه،

واجتمع المقاتلة نحو من ثلاثين ألفا، وتخلف بعض الناس من أهل المدينة ومن حولها من المنافقين وغيرهم، وكان ذلك في عام جدب، ووقت قيظ وحر، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الشام لقتال الروم،

<<  <  ج: ص:  >  >>