للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افتقارا إلى الله، وخضوعا له، ومعرفة لكونه سميعا قريبا مجيبا، فمن عبد الله بالدعاء لم يستكبر عن عبادته بمعاني العبادة الأخرى، ولذلك بدأت الآية بالأمر بالدعاء، وختمت بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ وبمناسبة هذه الآية قال ابن كثير: (روى الإمام الحافظ أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عزّ وجل قال: «أربع خصال: واحدة منهن لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين عبادي، فأما التي لي لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك عليّ فما عملت من خير جزيتك به، وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعليّ الإجابة، وأما التي بينك وبين عبادي فارض لهم ما ترضى لنفسك». وروى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول صلّى الله عليه وسلم «إن الدعاء هو العبادة» ثم قرأ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ وهكذا رواه أصحاب السنن الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير، وقال الترمذي: حسن صحيح ورواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من لم يدع الله عزّ وجل غضب عليه» تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به. وروى الحافظ أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي عن محمد بن سعيد قال: لما مات محمد بن مسلمة الأنصاري وجدنا في ذؤابة سيفه كتابابسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن لربكم في بقية أيام دهركم نفحات فتعرضوا له، لعل دعوة أن توافق رحمة فيسعد بها صاحبها سعادة لا يخسر بعدها أبدا».

٢ - [كلام ابن كثير حول آية فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ]

بمناسبة قوله تعالى: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قال ابن كثير: (قال ابن جرير: كان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال لا إله إلا الله أن يتبعها بالحمد لله رب العالمين، عملا بهذه الآية. ثم روى عن ابن عباس قال: من قال لا إله إلا الله فليقل على أثرها الحمد لله رب العالمين وذلك قوله تعالى فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. وعن سعيد بن جبير قال: إذا قرأت فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فقل لا إله إلا الله، وقل على أثرها الحمد لله رب العالمين ثم قرأ الآية فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. روى الإمام أحمد عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن بدر المكي قال: كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>