للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ فريق الموحّدين وفريق المشركين أيهما أحق بالأمن من العذاب إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وإنما قال فأي الفريقين ولم يقل فأينا احترازا من تزكية نفسه ثم أجاب هو بنفسه عن السؤال

الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ.

أي: ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، فالظلم هنا الشرك أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ هذا تتمة كلام إبراهيم عليه السلام

وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ المراد بها جميع ما احتج به إبراهيم عليه السلام على قومه من قوله فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ إلى وَهُمْ مُهْتَدُونَ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ. أي: في العلم والحكمة إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ في رفعه من يشاء عَلِيمٌ بمن يستأهل ذلك.

[فصول]

في قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ سمّى الله أبا إبراهيم (آزر) وعند هذه التسمية وفي هذه الآية تدور معارك كلامية بين المسلمين، وبين غيرهم، وبين المذاهب الإسلامية نفسها. وسبب هذه المعارك يعود إلى شيئين:

الشئ الأول: أن كتب العهد القديم تسمّي أبا إبراهيم (تارح).

والشئ الثاني: أن بعض المذاهب الإسلامية تعتبر أن آباء الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأجداده ليس فيهم كافر، وبناء عليه فقد حملوا كلمة الأب في الآية على أنّ المراد بها العمّ، وأكثر المفسرين على أنّ صرف الحقيقة في الآية إلى المجاز لا داعي له، وأما كتب العهد القديم فقد اعتدنا فيها- كما أثبت ذلك رحمة الله بن خليل الهندي في كتابه القيم (إظهار الحق) - أن تترجم الاسم من لغة إلى لغة، فمن لا يعرف هذه الحالة عنهم يقع في اللبس، وبناء عليه فلا يبعد أن يكون الاسم (تارح) هو الترجمة لاسم (آزر) غير أن العقاد في كتابه (إبراهيم أبي الأنبياء) يرى أن كلمة (تارح) نفسها يمكن أن يكون لفظها الأصلي (آزر).

وكما دارت معركة حول هذه الآية، فقد دارت معركة حول قول إبراهيم عن الشمس والقمر والنجم هذا رَبِّي هل هذا نظر أو مناظرة كما رأينا؟. والذين ذهبوا إلى أنه مناظرة، ذهبوا إلى ذلك فرارا من أن يثبتوا أن إبراهيم كان على غير التوحيد في بداية أمره، وفي أخبار التلمود من كتب اليهود إشارة إلى هذه الحادثة التي سجّلها القرآن. وأنها حصلت لإبراهيم وهو ابن ثلاث سنين، ومع أن هذه الروايات لا يثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>