أجل مواد خام، أو من أجل استغلال ما، أو من أجل ربح مباشر أو غير مباشر، أما المسلمون فلا يقاتلون إلا من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وفي سبيل الله، وما يعطيهم الله- عزّ وجل- بسبب ذلك من الدنيا فهو منة منه وفضل، ولكنه ليس غاية ولا هدفا. وهذا الذي لا يصل إلى إدراك كنهه ولا إلى فهمه من لا يعرف آفاق الربانية في النفس البشرية.
٣ - إن قضية التبين ينبغي أن تأخذ مداها في أي لحظة أو تخطيط أو تنفيذ. فإذا كان لا بد من قتال، فلنتذكر دائما أنه لا بد من تبين.
لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ. أي: عن الجهاد مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ. الضرر: المرض أو العاهة من عمى أو عرج أو زمانة أو نحوها وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ نفى التساوي بين المجاهد والقاعد بغير عذر وإن كان معلوما؛ توبيخا للقاعد عن الجهاد، وتحريكا له عليه، ثم لبيان عدم الاستواء بين المجاهدين والقاعدين لعذر قال: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً. أي فضلهم تفضلة وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى. أي:
وكل فريق من القاعدين لعذر والمجاهدين وعده الله المثوبة الحسنى وهي الجنة، وإن كان المجاهدون مفضلين على القاعدين لعذر درجة، وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ (بغير عذر) أَجْراً عَظِيماً
دَرَجاتٍ مِنْهُ هذا وما بعده بيان للأجر العظيم وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً إذ يقبل العذر رَحِيماً إذ يوفر الأجر. قال النسفي: وحاصله أن الله تعالى فضل المجاهدين على القاعدين بعذر درجة، وعلى القاعدين بغير عذر- في حالة كون الجهاد فرض كفاية وفي حالة إذن الإمام لهم في المقام- درجات، لأن الجهاد في حال السعة فرض كفاية.
[فوائد]
١ - هذه الآية محمولة على كون الجهاد فرض كفاية، وقد قام من يكفي من المسلمين به، فعندئذ لا يأثم القاعدون، ويؤجر المجاهدون هذا الأجر العظيم، أما إذا كان الجهاد فرض عين، أو لم يقم من المسلمين ما يكفي عند ما يكون الجهاد فرض كفاية، فإن القاعدين يأثمون إثما عظيما؛ يستحقون به دخول النار. أما متى يكون الجهاد فرض عين، ومتى يكون فرض كفاية؟ فهذا له تفصيلاته الكثيرة وباختصار نذكر بعض