الآن فيما بينهم- حتى نسبوا ذلك للأنبياء عليهم السلام؛ وجل غرضهم من ذلك إبطال خلافة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم ويأبى الله تعالى ذلك» اهـ. ما أردنا نقله من كلام الألوسي:
أقول: إن الألوسي لا يعتبر السجن مع القوت ومع الضرب القليل مجيزا للتقية كما رأينا.
والذي نص عليه فقهاء الحنفية أن سجن الظلمة كالإكراه الملجئ أي كالقتل وإتلاف العضو وعلى هذا فكلام الألوسي- فيما يبدو- في سجن تحتمله النفس زمنا ومكانا وآلاما، أما إذا كان السجن أو الاعتقال آلامه كثيرة أو الزمن فيه مديد فإن الرخصة للمبتلى بذلك قائمة.
[فصل في أسباب النزول]
في كلام المفسرين وأصحاب السير، اضطراب كثير في أسباب النزول لأجزاء كثيرة من أوائل سورة آل عمران فبينما نجد في كلام بعضهم ما يشير إلى أن بضعا وثمانين آية من صدر سورة آل عمران نزل بعد مناقشة مع وفد نجران، الذي جاء في السنة التاسعة للهجرة، نجد في كلام بعضهم أن آية:
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ قد نزلت بعد غزوة بدر كما نجد أن آيات كثيرة يذكر لها سبب نزول خاص كما سنرى. كما نجد أن آية قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ .. قد ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رسالته إلى هرقل والتي كانت سنة سبع للهجرة. كل ذلك يجعلنا نرجح أن رواية ابن إسحاق والزهري من أن صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية نزل في وفد نجران غير راجح وهو أحد الاتجاهات التي ذكرها ابن كثير.
نعم هناك بضع آيات نزلت بمناسبة مجئ وفد نجران منها آية المباهلة كما سنرى ولكن ليست كل هذه الآيات.
إلا إذا قلنا: إن بعض هذه الآيات نزلت من قبل ثم نزلت مع بقية الآيات مرة ثانية لأن معانيها متكاملة وهو اتجاه يحتمل مثله ابن كثير.
وهناك رواية يذكرها البيهقي تذكر أن من قوله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ