قال النسفي: أي أجرينا فيها روح المسيح، أو أمرنا جبريل فنفخ في جيب درعها، فأحدثنا بذلك النفخ عيسى في بطنها، وإضافة الروح إليه تعالى لتشريف عيسى عليه السلام. وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً أي دلالة على أن الله على كل شئ قدير، وأنه يخلق ما يشاء، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون لِلْعالَمِينَ أي للجن والإنس.
[نقول]
بمناسبة قوله تعالى عن داود عليه السلام: وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ قال صاحب الظلال: (تلك هي صنعة الدروع حلقا متداخلة، بعد أن كانت تصنع صفيحة واحدة جامدة، والزرد المتدخل أيسر استعمالا وأكثر مرونة، ويبدو أن داود هو الذي ابتدع هذا النوع من الدروع بتعليم الله. والله يمن على الناس أن علم داود هذه الصناعة لوقايتهم في الحرب: لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ وهو يسألهم سؤال توجيه وتحضيض: فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ؟ ..
والحضارة البشرية سارت في طريقها خطوة خطوة وراء الكشوف. ولم تجئ طفرة، لأن خلافة الأرض تركت لهذا الإنسان، ولمداركه التي زوده الله بها ليخطو في كل يوم خطوة، ويعيد تنسيق حياته وفق هذه الخطوة. وإعادة تنسيق الحياة وفق نظام جديد ليست سهلة على النفس البشرية، فهي تهز أعماقها وتغير عاداتها ومألوفها، وتقتضي فترة من الزمان لإعادة الاستقرار الذي تطمئن فيه إلى العمل والإنتاج. ومن ثم شاءت حكمة الله أن تكون هناك فترة استقرار تطول أو تقصر بعد كل تنسيق جديد.
والقلق الذي يستولي على أعصاب العالم اليوم منشؤه الأول سرعة توالي الهزات العلمية والاجتماعية التي لا تدع للبشرية فترة استقرار، ولا تدع للنفس فرصة التكيف والتذوق للوضع الجديد).
وبمناسبة الكلام عن سليمان عليه السلام في السورة يقول صاحب الظلال:
(وتدور حول سليمان روايات وتصورات وأقاويل، معظمها مستمد من الإسرائيليات والتخيلات والأوهام. ولكي لا نضل في هذا التيه. فإننا نقف عند حدود النصوص القرآنية وليس وراءها أثر مستيقن في قصة سليمان بالذات.
والنص القرآني هنا يقرر تسخير الريح- وهي عاصفة- لسليمان تجري بأمره إلى