للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظيم الذي لا يمانع ولا يغالب، بل قد قهر كل شئ وذل له كل شئ

وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ قال النسفي: أي: بسطت وسويت باندكاك جبالها وكل أمت فيها. أقول:

وهل تبقى على كرويتها أم لا؟ فإذا كانت تبقى على كرويتها يكون المراد بأنها تصبح كلها على سوية واحدة لا ارتفاع فيها ولا انخفاض، وإذا كانت لا تبقى على كرويتها فالمراد- والله أعلم- جعلها كلها كأنها بساط واحد فتسع في ذلك ما لا تسع وهي كروية

وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ أي: ورمت ما في جوفها وخلت غاية الخلو. قال ابن كثير: أي: ألقت ما في بطنها من الأموات وتخلت منهم

وَأَذِنَتْ لِرَبِّها أي:

سمعت له وأطاعت وَحُقَّتْ أي: حق لها أن تسمع وتطيع. فإذا كان ذلك فماذا يكون؟ لم تذكر الفقرة الجواب. قال النسفي في تعليل ذلك: وحذف جواب إذا؛ ليذهب المقدر كل مذهب أو اكتفاء بما علم بمثلها من سورتي التكوير والانفطار، أو جوابه، وما دل عليه فَمُلاقِيهِ الآتي بعد ذلك، أي: إذا انشقت لاقى الإنسان كدحه. أقول: يحتمل أن يكون جواب إذا: فماذا أنت مقدم أيها الإنسان لذلك اليوم، أو فكيف يكون حالك أيها الإنسان ذلك اليوم فاعمل إذن لذلك، وقدم العبادة والتقوى.

[كلمة في السياق]

١ - تحدثت الفقرة عن يوم القيامة، وبعض ما يكون فيه، وذكرت طاعة السماء والأرض لله، وفي ذلك تهييج للإنسان على أن يطيع الله عزّ وجل، وصلة ذلك بمحور السورة: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ واضحة.

٢ - بعد الآية التي نقلناها من محور السورة في سورة البقرة يأتي قوله تعالى:

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً .. والملاحظ أن الفقرة التي مرت معنا من سورة الانشقاق تتحدث عما يحدث للأرض والسماء ذلك اليوم.

٣ - تحدثت الفقرة الأولى عما يكون يوم القيامة، فكان ذلك مقدمة واعظة توصل إلى الفقرة الثانية التي تخاطب الإنسان خطابا مباشرا، واعظة له وداعية له أن يكون من أهل اليمين، وألا يكون من أهل الشمال فلنر الفقرة الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>