قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قال ابن كثير: يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير، ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عزّ
وجل، لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله. أقول: فالله عزّ وجل واحد في ذاته، واحد في صفاته، واحد في أفعاله، والأحدية هي التعبير الأعلى للواحدية في هذه المعاني كلها
اللَّهُ الصَّمَدُ قال ابن كثير: قال عكرمة عن ابن عباس: يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم. أقول: أي هو الذي يفتقر إليه خلقه، وهو لا يفتقر إلى خلقه، ومن ثم فالصمدية تفيد القيومية كما سنرى، ويدخل في ذلك معان كثيرة أخرى سنراها. قال النسفي: أي وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق ولا يستغنون عنه وهو الغني عنهم
لَمْ يَلِدْ قال النسفي:(لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا) أقول: التوالد أمارة الفناء، فالتوالد يكون من أجل بقاء الجنس، وذلك علامة فناء المتوالدين، والله عزّ وجل باق فلا ولد له جل جلاله وَلَمْ يُولَدْ أي: ليس له والد لأن الوالدية علامة الحدوث، والله عزّ وجل أزلي قديم لا بداية لوجوده جل جلاله. وقد جعلنا أول ظاهرة تدل على الله عزّ وجل بشكل قطعي في كتابنا (لله جل جلاله) هي ظاهرة حدوث الكون الذي دلت عليها قوانين كثيرة عقلية وعلمية، وهي تدل بشكل قطعي على قدم الله عزّ وجل كما برهنا على ذلك هناك وفصلناه
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ قال النسفي: أي ولم يكافئه أحد، أي لم يماثله. أقول: ففي الآية نفي المماثلة عنه. قال النسفي في السورة: (فقوله:
هُوَ اللَّهُ إشارة إلى أنه خالق الأشياء وفاطرها، وفي طي ذلك وصفه بأنه قادر عالم لأن الخلق يستدعي القدرة والعلم، لكونه واقعا على غاية إحكام واتساق وانتظام، وفي ذلك وصفه بأنه حي، لأن المتصف بالقدرة والعلم لا بد وأن يكون حيا، وفي ذلك وصفه بأنه سميع بصير مريد متكلم إلى غير ذلك من صفات الكمال، إذ لو لم يكن موصوفا بها لكان موصوفا بأضدادها وهي نقائص، وذا من أمارات الحدوث، فيستحيل اتصاف القديم بها، وقوله أَحَدٌ وصف بالوحدانية ونفي الشريك،