للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخطاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنما هو امتداد للمقطع السابق في معانيه، ومضامينه. وسنرى ذلك.

- قد قلنا عن المقطعين الأخيرين: إنهما يشكلان القسم الثاني من أقسام سورة المائدة، وأفضنا في الكلام عن وحدتهما، وأكدنا كثيرا أن النّهي عن الولاء للكافرين جاء مسبوقا بما ينفّر عنه ومتبوعا بما ينفّر عنه أيضا، وأنّ ذلك قد استغرق القسم بمقطعيه، وكما أن القسم الثاني بدأ بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ فإن القسم الثالث يبدأ

بذلك: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ.

[فصول ونقول]

[فصل في زمن نزول بعض الآيات من سورة المائدة]

رأينا أثناء الكلام عن المقطع الخامس كيف تردّد اسم بني قينقاع فيه، ورأينا أن بعض الروايات تذكر أن الآية الأولى من المقطع السادس وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ نزلت مع هذا المقطع، وهي آية يبدو أنها نزلت مبكرة في المدينة، وكل ذلك يشير إلى أنّه ليس كل سورة المائدة نزلت متأخرة، وفي ذلك يقول صاحب الظلال:

«نصوص هذا الدرس كله تؤيد ما ذهبنا إليه في تقديم السورة من أن هذه السورة، لم تنزل كلها بعد سورة الفتح التي نزلت في الحديبية في العام السادس الهجري، وأن مقاطع كثيرة فيها يرجّح أن تكون قد نزلت قبل ذلك؛ وقبل إجلاء بني قريظة في العام الرابع- عام الأحزاب- على الأقل، إن لم يكن قبل هذا التاريخ أيضا .. قبل إجلاء بني النضير بعد أحد، وبني قينقاع بعد بدر ..

فهذه النصوص تشير إلى أحداث، وإلى حالات واقعة في الجماعة المسلمة بالمدينة، وإلى ملابسات ومواقف لليهود وللمنافقين، لا تكون أبدا بعد كسر شوكة اليهود؛ وآخرها كان في وقعة بني قريظة.

فهذا النصّ عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء. وهذا التحذير- بل التهديد- بأن من يتولهم فهو منهم. وهذه الإشارة إلى أن الذين في قلوبهم مرض يوالونهم، ويحتجون بأنهم يخشون الدوائر. وتنفير المسلمين من الولاء لمن يتخذون دينهم هزوا ولعبا، والإشارة إلى أن هؤلاء يتخذون صلاة المسلمين- إذا قام المسلمون إلى الصلاة- هزوا ولعبا .. كل أولئك لا يكون إلا ولليهود في المدينة من القوة والنفوذ والتمكن، ما يجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>