للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«المجموعة الثالثة»

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهو دينه القويم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف دِيناً قِيَماً. أي: قائما ثابتا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً أي: مائلا عن كل دين باطل إلى الدين الحق وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بالله

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي. أي: عبادتي أو ذبحي أو حجي وَمَحْيايَ وَمَماتِي. أي: وما أتيته في حياتي، وأموت عليه، من الإيمان، والعمل الصالح لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. أي:

خالصة لوجهه

لا شَرِيكَ لَهُ. أي: في شئ من ذلك وَبِذلِكَ. أي:

بالإخلاص أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ لأن إسلام كل نبي متقدم على إسلام أمته

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي. أي: أطلب رَبًّا والاستفهام للإنكار أي هذا مستحيل وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ. أي: وكل من دونه مربوب، ليس في الوجود من له الربوبية غيره، فكيف أبتغي ربا سواه وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها. أي:

كسب كل نفس عليها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. أي: لا تؤخذ نفس آثمة، بذنب نفس أخرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ. أي: مآلكم ومصيركم فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من الأديان التي فرّقتموها، ومن كان هذا شأنه، ومن كان هذا عدله، ومن كان المصير إليه كيف يعبد سواه؟!

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ...

(النحل: ١٢٠) قال ابن كثير: وليس يلزم من كونه صلّى الله عليه وسلّم أمر باتباع ملّة إبراهيم الحنيفية أن يكون إبراهيم أكمل منه فيها، لأنه عليه السلام قام بها قياما عظيما، وأكملت له إكمالا تامّا، لم يسبقه أحد إلى هذا الكمال، ولهذا كان خاتم الأنبياء، وسيد ولد آدم على الإطلاق، وصاحب المقام المحمود الذي يرغب إليه الخلق حتى الخليل عليه السلام. وقد روى ابن مردويه ... عن ابن أبزى عن أبيه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أصبح قال: «أصبحنا على ملّة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد، وملة أبينا إبراهيم حنيفا، وما كان من المشركين» وروى الإمام أحمد ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الأديان أحبّ إلى الله تعالى؟ قال:

«الحنيفية السمحة». وروى الإمام أحمد أيضا ... عن عائشة رضي الله عنها قالت:

وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذقني على منكبه، لأنظر إلى زفن الحبشة أي إلى رقصهم، حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>