بِآياتِنا أي بحقّيتها أي بالقرآن إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ أي غدّار، والختر: أقبح الغدر كَفُورٍ أي جحود للنعم لا يشكرها بل يتناساها ولا يذكرها.
كلمة في السياق:[حول صلة المجموعتين الثانية والثالثة ببعضهما البعض وبالمحور]
١ - جاءت المجموعة الثانية بعد قوله تعالى: ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ومن ثمّ فقد ذكر فيها دليلان على قدرة الله المطلقة، إن إيلاج الليل بالنهار، وتسخير الشمس والقمر، لدليلان على قدرة الله المطلقة. كما أن في ذلك دليلا على أنّ الله هو الحق بقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ. وهكذا نجد أن السّياق في السورة متعانق.
٢ - والمجموعتان لفتتا النظر إلى نعم الله التي تقتضي شكرا مظهره الإيمان بكتاب الله واتباعه، ومن ثمّ ختمت الآيات بقوله تعالى: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ فالمجموعتان تجريان على نسق السورة في ضرورة اتباع كتاب الله بعد أن أثبت الله حكمة هذا القرآن.
وهكذا نجد أنّ السورة:
قرّرت حكمة هذا القرآن، وقرّرت أنّ المحسنين يهتدون به ويرحمون ثمّ وصفت المحسنين، ثم أثبتت أن هذا القرآن حكيم من خلال الكلام عن أفعال الله عزّ وجل، ومن
خلال قصة لقمان، ثم سارت الآيات لتحدثنا عن نعم الله التي تقتضي إحسانا، وتقتضي شكرا أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ.
فإذا استقرت هذه المعاني فإنّه تأتي بعد ذلك آيتان هما خاتمة السورة تدعوان إلى الله وخشيته، وعدم الاغترار بالدنيا والشيطان، وتقرّران أنّ الله يعلم مفاتح الغيب.
وبذلك تكون السورة قد فصّلت الكثير في الآيات الأولى سورة البقرة: