فأنزلوه، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«احكم فيهم» قال سعد رضي الله عنه: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وتقسّم أموالهم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى وحكم رسوله» ثم دعا سعد رضي الله عنه: فقال اللهم إن كنت أبقيت على نبيّك من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك، قال فانفجر كلمه، وكان قد برئ منه إلا مثل الخرص، ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: فحضره رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما قالت: فو الذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر رضي الله عنه من بكاء عمر رضي الله عنه وأنا في حجرتي وكانوا كما قال الله تعالى: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ قال علقمة: فقلت: أي أمه فكيف كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصنع؟ قالت: كانت عينه لا تدمع على أحد، ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته صلّى الله عليه وسلم، وقد أخرج البخاري ومسلم ... عن عائشة رضي الله عنها نحوا من هذا ولكنه أخصر منه وفيه دعا سعد رضي الله عنه).
١٠ - [تحقيق ابن كثير حول أسماء المدينة بمناسبة آية وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ .. ]
بمناسبة قوله تعالى: وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ قال ابن كثير: (يعني المدينة كما جاء في الصحيح: «أريت في المنام دار هجرتكم أرض بين حرتين، فذهب وهلي أنّها هجر فإذا هي يثرب» وفي لفظ المدينة.
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد ... عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من سمّى المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى إنما هي طابة هي طابة» تفرّد به الإمام أحمد، وفي إسناده ضعف. والله أعلم. ويقال إنما كان أصل تسميتها يثرب برجل نزلها من العماليق يقال له يثرب بن عبيد بن مهلائيل بن عوض بن عملاق ابن لاذ بن إرم بن سام بن نوح. قاله السهيلي، قال: وروي عن بعضهم أنه قال:
إن لها في التوراة أحد عشر اسما: المدينة، وطابة، وطيبة، والمسكينة، والجابرة، والمحبة، والمحبوبة، والقاصمة، والمجبورة، والعذراء، والمرحومة. وعن كعب الأحبار قال: إنا نجد في التوراة يقول الله تعالى للمدينة: يا طيبة، ويا طابة، ويا مسكينة لا تقلّي الكنوز أرفع أحاجرك على أحاجر القرى).
١١ - [من تعليقات صاحب الظلال حول المقطع الثاني]
من تعليقات صاحب الظلال على المقطع الذي مرّ معنا ما يلي:
(إن النص القرآني يغفل أسماء الأشخاص، وأعيان الذوات، ليصوّر نماذج البشر وأنماط الطباع. ويغفل تفصيلات الحوادث وجزئيات الوقائع، ليصوّر القيم الثابتة