للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف تكون المبدلات خيرا منهن ولم يكن على وجه الأرض نساء خير من أمهات المؤمنين؟ قلت: إذا طلقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لإيذائهن إياه لم يبقين على تلك الصفة، وكان غيرهن من الموصوفات بهذه الأوصاف خيرا منهن) مُسْلِماتٍ أي:

داخلات في الإسلام، ومتصفات به، أو مستسلمات لله ورسوله مُؤْمِناتٍ أي:

مقرات مخلصات قانِتاتٍ أي: مطيعات تائِباتٍ من الذنوب أو راجعات إلى أمر الله وإلى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، أي: أصبحت التوبة لهن خلقا عابِداتٍ أي:

لله بأصناف العبادة من صلاة وذكر سائِحاتٍ أي: صائمات، قال النسفي:

(وقيل للصائم سائح لأن السائح لا زاد معه فلا يزال ممسكا إلى أن يجد ما يطعمه فشبه به الصائم في إمساكه إلى أن يجئ وقت إفطاره) أقول: وفي هذه الأوصاف جماع الخيرية في المرأة، فمن ربى امرأة فليحققها بهذه الأوصاف، ومن اختار امرأة فليختر من تجمعت بها هذه الأوصاف؛ فإنها الأوصاف التي حددها الله عزّ وجل فيمن يختارها لرسوله صلى الله عليه وسلم ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً أي: منهن ثيبات ومنهن أبكار، وفي ذلك إشارة إلى أن العبرة في الخصائص لا في الثيوبة والبكارة، هذه الخصائص التي ينبغي أن تفطن لها كل مسلمة فتتحقق بها، وهي كما قال صاحب الظلال: (الإسلام الذي تدل عليه الطاعة والقيام بأوامر الدين. والإيمان الذي يعمر القلب، وعنه ينبثق الإسلام حين يصح ويتكامل. والقنوت وهو الطاعة القلبية. والتوبة وهي الندم على ما وقع من معصية والاتجاه إلى الطاعة. والعبادة وهي أداة الاتصال بالله والتعبير عن العبودية له.

والسياحة وهي التأمل والتدبر والتفكر في إبداع الله والسياحة بالقلب في ملكوته).

...

[كلمة في السياق]

١ - مجئ هذه الآيات بعد سورة الطلاق واضح الدلالة ففي الآيات نموذج على حالة يحسن معها الطلاق حتى من أعظم الناس، وأكملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجئ هذه الآيات في المجموعة التي مقدمتها سورة التغابن- السورة التي نصت على قوله تعالى: إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ- واضح الحكمة، إذ الآيات هنا تشير إلى مظهر من مظاهر الخطأ ترتكبه حتى أعظم النساء، وأكرمهن في حق الزوج حتى ولو كان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٢ - رأينا في الآيات فظاعة أن تفشي المرأة سر زوجها، مهما كان هذا السر،

<<  <  ج: ص:  >  >>