١٤ - بمناسبة قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ قال ابن كثير: (روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- عن ربه عزّ وجل-: «يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك» ورواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: حسن غريب. وقد روى الإمام أحمد عن سلام بن شرحبيل سمعت حبة وسوأة ابني خالد يقولان: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملا أو يبني بناء- وقال أبو معاوية يصلح شيئا- فأعناه عليه، فلما فرغ دعا لنا وقال:«لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رءوسكما، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة، ثم يعطيه الله
ويرزقه»).
[كلمة أخيرة في سورة الذاريات]
١ - في هذا الكون مظاهر من الإبداع والجمال لا تتناهى؛ لأن الله عزّ وجل من أسمائه البديع، فهو بديع السموات والأرض، وفي هذا القرآن مظاهر من الإبداع لا تتناهى؛ لأنه كلام الله البديع. إنك لتجد الإبداع في كل شئ في هذا القرآن: في العرض، والأسلوب، والتفصيل، والكلمة، والآية، والمعنى، والجرس، والسياق، وتأمل سورة الذاريات لتجد مظاهر الإبداع لا تتناهى، وذلك شأن القرآن كله.
٢ - بدأت السورة بالحديث عن اليوم الآخر، لتصل إلى الحديث عن آيات الله التي لا يعرفها إلا من أيقن باليوم الآخر، لتصل إلى ضرورة الفرار إلى الله الذي لا يفعله إلا من عرف آيات الله في الكون والأنفس والتاريخ، ومن مثل هذا تجد الترابط بين معاني السورة على أشده.
٣ - وقد تحدث محور السورة من سورة البقرة عن المتقين، وفصلت سورة الذاريات في التقوى وأسبابها، وعاقبة أهلها، ودلت على الطريق إليها.
٤ - وقد جاءت سورة الذاريات بعد سورة (ق) التي انتهت بذكر التذكير والوعيد، قال تعالى في سورة (ق): فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ،