لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ قال النسفي: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمراد به أمته.
وقال ابن كثير: والمراد المكلفون من الأمة: لا تجعل أيها المكلف في عبادتك ربك له شريكا فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً على إشراكك به مَخْذُولًا لأن الرب تعالى لا ينصرك.
بل يكلك إلى الذين عبدتهم معه، وهم لا يملكون لك ضرا ولا نفعا لأن مالك الضر والنفع هو الله وحده لا شريك له. دلت الآية على أن المشرك يستحق الذم والخذلان والإهانة والحرمان.
وَقَضى رَبُّكَ أي: أمر أمرا مقطوعا به أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً أي وأمر بالوالدين إحسانا أي بأن تحسنوا بالوالدين إحسانا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ أف صوت يدل على تضجر أي لا تسمعهما قولا سيئا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ وَلا تَنْهَرْهُما أي ولا تزجرهما عما يتعاطيانه مما لا يعجبك لا قولا ولا فعلا بأن يصدر منك إليهما فعل قبيح. ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول الحسن والفعل الحسن وَقُلْ لَهُما بدل التأفف والنّهر قَوْلًا كَرِيماً أي جميلا ليّنا طيبا حسنا بأدب وتوقير وتعظيم كما يقتضيه حسن الأدب، ومن الأدب ألا يدعوهما في وجوههما بأسمائهما فإنه من الجفاء، بل يقول يا أبتاه، يا أماه. وفي قوله تعالى (عندك) من قوله: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ .... نكتة لطيفة إذ تفيد في هذا المقام: أنهما إذا كانا كلّا على ولدهما، ولا كافل لهما غيره فهما عنده في بيته وكنفه، وذلك أشقّ عليه، فهو مأمور بأن يستعمل معهما لين الخلق، حتى لا يقول لهما إذا أضجره شئ منهما أف، فضلا عما يزيد عليه، وقد أوصى الله بهما في الآية أبلغ ما تكون الوصية، حيث افتتحها بأن قرن الإحسان إليهما بتوحيده، ثم ضيّق الأمر في مراعاتهما حتى لم